كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

يرى تغمد الله الجميع برحمته واستحسنت في حقه الجزالة وشرطه التكليف والعدالة وأن يكون ذكرا حرا سلم من فقد رؤية وسمع وكلم ويستحب العلم فيه والورع مع كونه الحديث للفقه جمع ذكر في هذه الأبيات بعض شروط القاضي ويطلق عليها صفات لأنها قائمة به وقسمها إلى قسمين شروط صحة يلزم من عدمها أو عدم واحد منها عدم صحة ولايته وشروط كمال تصح ولايته بدونها لكن الأولى وجودها فذكر من شروط الصحة التكليف والعدالة والذكورة والحرية وكونه سميعا بصيرا متكلما
ومن شروط الكمال الجزالة والعلم والورع وجمعه بين الفقه والحديث فاشترط فيه التكليف المشتمل على شرطي العقل والبلوغ لأن غير العاقل وغير البالغ لا يجري عليهما قلم ولا يتوجه إليهما خطاب فلا يتعلق بقول واحد منهما حكم على نفسه فأولى على غيره ولا يكتفى في شرط العقل بالعقل الذي يتعلم به التكليف من علمه بالمدركات الضروريات بل حتى يكون صحيح التمييز جيد الفطنة بعيدا عن السهو والغفلة حتى يتوصل بذلك إلى وضوح ما أشكل وفصل ما أعضل قال الماوردي واشترطت فيه العدالة المستلزمة لشرط الإسلام لأن الكافر لم يجعل الله له على المؤمنين سبيلا
والولاية من أعظم السبيل ولأن الفاسق غير مأمون على الأحكام ولا موثوق به في اجتناب الأغراض ويأتي أن العدل هو من يجتنب الكبائر ويتقي في الغالب الصغائر والمباح الذي يقدح في المروءة كالأكل في السوق ونحو ذلك واشترطت فيه الذكورة لأن القضاء فرع عن الإمامة العظمى وولاية المرأة الإمامة ممتنع لقوله صلى الله عليه وسلم لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة فكذلك النائب عنه لا يكون امرأة
وبالجملة فمنصب الولاية غير مستحق للنساء واشترطت الحرية لأن الرق بقية أثر الكفر والنفوس تأنف من الانقياد لمن عليه رق والإذعان لمن تقرر عليه لسواه ملك قال الماوردي وإذا كان نقص الرق مانعا من ولاية نفسه فأحرى أن يمنعه من إنفاذ ولايته على غيره ولأن الرق لما منع من قبول الشهادة كان أولى أن يمنع من نفوذ الحكم وانعقاد الولاية وكذلك الحكم فيمن لم تكمل حريته من مدبر ومكاتب ومعتق بعضه هذا في الحكم وأما في الفتوى فلا يمنعه الرق أن يفتي ولا أن يروي لعدم الولاية في الفتوى والرواية ويجوز له إذا عتق أن يقضي وإن كان عليه ولاء
وأما اشتراط كونه سميعا بصيرا متكلما فظاهره أنها من شروط الصحة أيضا قال في التوضيح عن ابن رشد وهو ظاهر ما في وثائق أبي القاسم والظاهر أن فقدها موجب للعزل فتنفذ ولاية الأصم والأعمى والأبكم وتنفذ أحكامه ويجب عزله سواء ولي كذلك أو طرأ عليه ذلك وإنما اشترطت السلامة في الأعضاء الثلاثة لعدم تأتي المقصود من الفهم والإبهام لفاقد بعضها فضلا عن كلها
تنبيه زاد ابن الحاجب في شروط الصحة أن يكون مجتهدا فطنا فلا يجوز ولا تصح ولاية المقلد ولا تنفذ أحكامه قال المازري هكذا يحكي أصحابنا عن المذهب أنه لا
____________________

الصفحة 20