كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

أخبر رحمه الله أنه يجوز بيع الأصول كالدور والحوائط والحوانيت والأراضي وغيرها إلا أن يصحب بيعها شرط يتقى في البيوع لكونه يناقض مقصود المشتري أو يخل بالثمن فيفسد البيع إذ ذاك كما تقدم وإلى هذا أشار بالبيت الأول واستثناؤه الشرط المتقى في البيع يغني عنه ما سبق ولعله خاف توهم جوازه بالاندراج في عموم قوله جاز مطلقا فاستثناه لذلك فإذا خلا بيعها عن الشرط الممنوع فهو جائز بالعين والعرض والطعام والرقيق والدواب وغير ذلك من أنواع الأثمان
ويجوز أن يكون ذلك الثمن نقدا وإلى أجل أي معلوم غير بعيد جدا وإلى هذا التعميم أشار بالبيت الثاني فهو تفسير للإطلاق الذي في البيت الأول وقوله ممن له تصرف يتعلق بالبيع أي بيع الأصول جائز إذا وقع وصدر ممن له التصرف في المال وهو الرشيد وهو تصريح باشتراط الرشد في البائع ويحتمل أن تكون من من قوله ممن له تصرف بمعنى اللام أي يجوز بيع الأصول لمن له التصرف فيكون نصا في اشتراط الرشد في المشتري أيضا
وكل من الاحتمالين صحيح إذ الرشد شرط في كل من المتعاوضين إلا أنه شرط في اللزوم لا في الانعقاد لأن الانعقاد يجوز من المميز ولو محجورا ولا يلزم إلا من الرشيد كما تقدم وذلك الشرط لا يختص ببيع الأصول بل عام في جميع المبيعات
فرع قال ابن رشد في آخر سماع ابن القاسم من جامع البيوع البلد الذي تجوز فيه جميع السكك جوازا واحدا لا فضل لبعضها على بعض ليس على من ابتاع فيه شيئا أن يبين بأي سكة يبتاع ويجبر البائع على أن يأخذ كل سكة أعطاه كما أن البلد إذا كانت تجري فيه سكة واحدة فليس عليه أن يبين بأي سكة يبتاع ويجبر على أن يقبض السكة الجارية وأما البلد الذي تجري فيه جميع السكك ولا تجوز فيه بجواز واحد لا يجوز البيع فيه حتى يبين بأي سكة يبتاع فإن لم يفعل كان البيع فاسدا
ا هـ
فرع سئل الأستاذ أبو سعيد بن لب عما يكثر وقوعه وهو أن يتسامح الناس في اقتضاء الدراهم الناقصة عن الوازنة إلى أن تصير الدراهم كلها نقصا ويقع التشاح بعد انعقاد البيع في زمن التسامح ووقوع القبض في وقت آخر يكون أولو الأمر قد ألزموا الناس التعامل بالوزن
فأجاب بأن العقود محملها على السكة الوازنة على أصلها وعلى هذا جرى العرف في العقود وما يجري بين الناس من المسامحة كالتعامل الناجز عند الاقتضاء لا تعمر به الذمم ولا يجوز الدخول في العقود عليه لأنه مجهول ثم قال والذي يوجبه النظر الفقهي في النازلة أن ينظر إلى تواريخ العقود فما انعقد منها على المسامحة في وقت
____________________

الصفحة 459