كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

أن يكون لك على المدين ذهب فيعطيك ذهبا أو ورق فيعطيك ورقا أو كتان فيعطيك كتانا أو حرير فيعطيك حريرا وعلى ذلك فقس
أما إن أعطاك عن الذهب فضة أو بالعكس فهو صرف وهو المراد بقولهم صرف ما في الذمة جائز بشرط الحلول
وإن أعطاك عن الذهب حريرا مثلا أو عن الحرير ذهبا أو عن الصوف كتانا فهو من بيع الدين لا من اقتضائه واقتضاء الدين أو بيعه من المدين يتصور بين شخصين رب الدين والمدين وأما بيعه لغير المديان فيتصور بين ثلاثة أشخاص رب الدين والمدين والمشتري للدين ولعل المصنف أطلق الاقتضاء على ما تبرأ به الذمة كان المقبوض من جنس الدين أو من غير جنسه بدليل أنه ذكر ما هو اقتضاء حقيقة وما هو بيع حقيقة وما هو محتمل لإرادة البيع أو الاقتضاء وذلك لأنه قسم الاقتضاء إلى ما قبل الأجل وإلى ما بعده فأشار إلى ما قبل الأجل بقوله والحكم قبل أجل لا يختلف والمثل مطلوب وذو اعتبار أي معتبر في الجنس والصفة والمقدار وهذا اقتضاء حقيقة لأنه أعطى مثل ما عليه جنسا وصفة ومقدارا ثم قسم الاقتضاء بعد الأجل إلى كونه أي الدين عينا أو غير عين فإن كان عينا وأعطاه عينا مخالفا لجنس الدين فهو صرف وإن أعطاه عن العين عرضا ثوبا مثلا فهو بيع للدين بذلك الثوب فقال والعين فيه مع بلوغ أجلا صرف وما تشاؤه إن عجلا فقوله والعين فيه الضمير للعين أي دفع العين في العين صرف فالعين الأول هو المدفوع عن الدين والثاني الذي كنى عنه بالضمير هو الدين المترتب في الذمة ومقابله هو قوله وغير عين إلخ وهذا كله من بيع الدين لأن الصرف بيع وإن غلب إطلاق البيع على ما أحد عوضيه غير ذهب ولا فضة وإن كان الدين غير عين بل عرضا فإما أن يكون من سلف أو من بيع وعن البيع عبر بالسلم لأن السلم بيع بالمعنى الأعم
فإن كان من سلف جاز أن يأخذ عنه ما شاء معجلا فإن أخذ من جنس الدين فهو اقتضاء وإن أخذ من غير جنسه فهو بيع فهذا مما يحتمل أن يراد به البيع والاقتضاء وهو قوله وغير عين بعده من سلف خذ فيه من معجل ما تصطفي وإن كان من سلم أي بيع فقال فيه وإن يكن من سلم بعد الأمد فالوصف فيه السمح جائز فقد فأخبر أنه يجوز السمح في الصفة بحيث يأخذ أدنى صفة مما له عليه وهذا من الاقتضاء والله أعلم لأن الوصف إنما يصلح ذكره إذا كان القضاء من جنس الدين
وقد ذكر الناظم اشتراط حلول الأجل في هذه الأبيات الثلاثة ثلاث مرات اعتناء به الأول قوله مع بلوغ أجلا الثانية قوله وغير عين بعده أي بعد الأجل الثالثة قوله بعد الأمد
هذا حاصل هذه الأبيات الخمسة لكن باعتبار ما هو اقتضاء دين أو بيع وأما شرحها
____________________

الصفحة 523