ومن ألد في الخصام وانتهج نهج الفرار عند إتمام الحجج ينفذ الحكم عليه الحكم قطعا لكل ما به يختصم وغير مستوف لها إن استتر لم تنقطع حجته إذا ظهر لكنما الحكم عليه يمضي بعد تلوم له من يقضي يعني أن الخصم إذا ألد في الخصام أي أكثر الخصومة وسلك طريق الفرار وفر من القضاء والحكم عليه وتغيب عن مجلس الحكم فإن كان ذلك بعد أن أتم حجته واستوفى من الآجال معذرته فإن القاضي ينفذ الحكم عليه ويمضيه ويقطع خصومته ولا تجري له حجة ولا تسمع له بعد ذلك بينة
وإن كان فراره وتغيبه قبل أن يستوفي حجته ويستقصي في إبطال دعوى خصمه منفعته فإن القاضي ينفذ الحكم عليه أيضا لكن بعد التلوم له والتأني له من غير قطع لما يأتي به من الحجة بهذا جرى العمل واقتضاه عند الفقهاء النظر
ففي سماع أشهب قال كتب ابن غانم إلى مالك بن أنس يسأله عن الخصمين يختصمان إليه في الأرض فيقيم أحدهما على الآخر بينة بأنها له فإذا علم بذلك الذي قامت عليه البينة هرب وتغيب فطلب فلم يوجد أيقضى عليه وهو غائب فقال مالك لكاتبه اكتب إليه إذا ثبتت عندك الحجج وسألته عما تريد أن تسأله عنه عندك فلم تبق له حجة بنعم فاقض عليه وهو غائب قال ابن رشد هذا كما قال إنه إن تغيب بعد أن استوفى جميع حججه وهرب فرارا من القضاء عليه إنه يقضي عليه ويعجزه ولا يكون له إذا قدم أن يقوم بحجته بمنزلة أن لو قضي عليه وهو حاضر قال وأما إن هرب وتغيب قبل أن يستوفي جميع حججه فالواجب في ذلك أن يتلوم له فإن لم يخرج وتمادى على تغيبه واختفائه قضى عليه من غير أن يقطع حجته وبالله التوفيق
قال الشارح ما معناه إن الهارب من القضاء والحكم عليه إما قبل حضوره مجلس الحكم وهو المتقدم في قوله ومن عصى الأمر ولم يحضر طبع
إلخ وإما بعد حضوره مجلس الحكم ففي ذلك وجهان قبل تمام حجته أو بعد تمامها وهذا الذي تكلم عليه في هذه الأبيات
وألد أكثر الخصومة والملد شديد الخصومة وتقدم الكلام عليه عند قوله وأجرة العون
إلخ معنى انتهج نهج الفرار سلك طريق الفرار أي فر وهرب
قال في الصحاح النهج الطريق الواضح ونهجت الطريق إذا سلكته وفلان ينهج سبيل فلان أي يسلك مسلكه ا هـ
والحجج جمع حجة وهو ما يدفع به عن نفسه أو يثبت به لها والحكم بضم فسكون مفعول ينفذ والحكم فاعل ينفذ وهو بفتحتين القاضي وقطعا مصدر في موضع الحال من
____________________