يعني أن من توجه عليه الحكم من المتداعيين فإنه يجب الإعذار إليه قبل الحكم عليه وذلك بأن يقال له أبقيت لك حجة فإن قال لا حكم عليه وإن ذكر أن له بينة أجله إليها وإن ذكر أن له بينة بعيدة حكم عليه وكتب في كتاب ومتى أحضرها فهو على حجته وإن عجز ولم يدع شيئا حكم عليه والأصل في ذلك قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
ويثبت ذلك الإعذار بشاهدي عدل هذا هو المختار عند الفقهاء وبه العمل فقوله وذا المختار يحتمل أن تعود الإشارة إلى كون الإعذار قبل الحكم ومقابله أنه بعده وهما قولان كما يأتي ويحتمل أن تعود إلى قوله بشاهدي عدل ويكون مقابله أنه يكفي الإعذار بشاهد واحد
قال المتيطي ينبغي للقاضي أن لا ينفذ حكمه على أحد حتى يعذر إليه برجلين وإن أعذر بواحد أجزأه واستدل قائل هذا بقوله صلى الله عليه وسلم اغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها وتؤخذ صحة الاكتفاء بواحد من قول الشيخ خليل وندب متعدد فيه حيث جعل التعدد مستحبا لا واجبا وعلى الاحتمال الأول اقتصر الشارح ابن عرفة الإعذار سؤال الحاكم من توجه عليه موجب حكم هل له ما يسقطه قال ابن فتحون وغيره لا ينبغي للقاضي تنفيذ حكم على أحد حتى يعذر إليه والأصل فيه عند الفقهاء قوله تعالى وما كنا معذبين الآية وفي مفيد ابن هشام وقد اختلف في الإعذار إلى المحكوم عليه فقيل يعذر إليه وحينئذ يحكم عليه وبه العمل وقيل يحكم عليه وبعد ذلك يعذر إليه وعلى تقديم الإعذار قبل الحكم ذهب الناظم
فرع
إذا حكم القاضي على من توجه عليه الحكم من غير إعذار ثم وجد المحكوم عليه حجة فله القيام بها وكذا إن أعذر إليه ولم يعجزه نقله اليرناسني في شرحه وقد استطرد الشارح هنا ذكر الخلاف في قضاء القاضي بما فهم من كلام المتداعيين وأنه اختلف هل يجتزي بمجرد فهمه أو لا من تحقيق ما يسمع منهما دون احتمال وكذا نقل الخلاف في الشهادة بالفهم قال ابن رشد في إعمال الشهادة بما يظهر من قصد المشهود عليه وإرادته ثالثها ويثبت الشاهد شهادته بذلك ا هـ
أي يبين أن شهادته بالفهم لا بالتصريح ثم قال الشارح ما حاصله أنه لا يبعد أن يفرق بين الحكم والشهادة فإن الضرورة تدعو إلى الشهادة بالفهم لا سيما الشهادة الاسترعائية والحكم
____________________