كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

مقدمة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما قال الشيخ الإمام العالم العلامة الدراكة الفهامة شيخ الإسلام ومفتي الأنام أبو عبد الله سيدي محمد بن أحمد ميارة قدس الله سره وأعلى في الدارين قدره الحمد لله المنفرد بالحكم والتدبير المستبد بالقضاء والتقدير الذي شرح الأحكام للعباد وكفهم بتنفيذها عن الظلم والفساد وأتحف الحكام بالشرائع الإسلامية وأغناهم بها عن السياسة الكسروية وعصمهم باتباعهم المنقول عن تحكيمهم تحقيق العقول فله الحمد والشكر بكل لسان من كل ملك وجن وإنسان وصلوات الله التي لا تحصى عددا وسلامه الذي لا ينقضي أمدا ورضوانه وتحياته ورحمته وبركاته المسرمدات أبدا على العلم الأكبر والسيد الأطهر متلقي السر من شديد القوى فلا ينطق عن الهوى سر الوجود وعين الجود سيد الكونين ورسول الملك الأعلى إلى الثقلين النبي الممجد سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وعلمه من لدنه علما عجزت أفكار الخلق عن الإحاطة بأقله وحلاه من أخلاقه الرحمانية بكل خلق كريم فقال تعالى وإنك لعلى خلق عظيم فجعله للمهتدين سراجا منيرا ونزل الفرقان عليه ليكون للعالمين نذيرا يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويدلهم على الله بما يعرف من الأدلة ولا ينكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليه الخبائث ويقرر ذلك لهم بنصح تتحرك لقبوله البواعث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت قبل ذلك عليهم وبين لهم دينهم امتثالا لقوله تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم
فقام صلى الله عليه وسلم بأعباء الرسالة مع تحرير المقالة وإيضاح الدلالة ولم يأل جهدا في الإرشاد والتهذيب والتبصرة والتقريب والإجمال للأحكام والتفصيل والبيان والتحصيل فبين كل منهج مقصود وكل مقصد محمود كل ذلك بلفظ مختصر وتوضيح يزيل الغبر وكلام فائق ومعنى رائق مبين للحقائق وآخذ من البلاغة بالعرى الوثائق غني عن استنتاج المقدمات وكفيل بإيضاح المهمات حتى صارت قواعد دينه معينة لا يحتاج المدعي فيها إلى بينة ففتح لأمته باب الاجتهاد والقياس الذي له إلى الكتاب والسنة استناد لئلا يكون على المؤمنين حرج ولا يرى في دينهم عوج وليكون للمجتهد المخطىء أجر وللمصيب أجران ويؤتي الكل من رحمته كفلين فوجب علينا الاعتصام بسنته بعد وفاته كما وجب علينا الانقياد له في
____________________

الصفحة 7