كتاب شرح ميارة - العلمية (اسم الجزء: 1)

حياته قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته وسلم تسليما صلاة وسلاما ننال من الله بهما جميل الرضا ونجدهما عدة ليوم فصل القضا ورضي الله تعالى عن أئمة الهدى ونجوم الاقتدا ومعالم الديانة ومعاقل الأمانة ساداتنا أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وأعلى على كل آل قدرهم وأشهرهم وأئمتنا أصحابه الذين آمنوا وهاجروا والذين آووا ونصروا القائمين بنصرته الحاملين لشريعته وعلى من أحسن اتباعهم وجد من السلف والخلف في اتباعهم ما دام هذا الدين موطأ بالقواعد البينة وفروع الشريعة وأصولها في كتب الأئمة مدونة أما بعد فإن علم أحكام القضاء هو من الدين بمنزلة الرأس من سائر الأعضاء وآدابه من أجل الآداب المرعية وخطته من أعظم الخطط الشرعية ركن من أركان الشريعة بل هو أسها ورئيس العلوم الإسلامية بل هو رأسها ولذلك قيل القائمون من البشر بحقه هم رسل الله أو ورثتهم من خلقه
فقام بها في هذه الملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدون ولما تميز الملك من الخلافة صار يختار لها الأئمة المهتدون وقد ألف الناس فيه قديما وحديثا وسار العلماء في تبيين أصوله وقواعده سيرا حثيثا ما بين ناثر مطنب وموجز وناظم قصيدة أو مرتجز وإن من أجل ما ألف فيه من المختصرات التي أغنت عن كثير من المطولات رجز الإمام العالم القاضي الرئيس الوزير الأعظم أبي بكر محمد بن محمد عرف بابن عاصم فهو جامع لكثير من مقاصده محتو على جم غفير من فوائده مع سلامة نظمه وجزالة لفظه وقلة تعقيده وسهولة حفظه يشهد بذلك العيان وليس من بعده بيان وقد اعتنى بشرحه من بعده ونثر اللآلىء المنظومة في عقده ولده الإمام قاضي الجماعة أبو يحيى محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عاصم القيسي الأندلسي الغرناطي ذكر في شرح تحفة والده أنه ولي القضاء عام ثمان وثلاثين وثمان مائة احتفل فيه بجودة القريحة وأكثر من النقول الصحيحة فأبدأ وأعاد وأجاد وأفاد فجزاه الله خيرا وأجزل أجرا إلا أنه قد أغفل عن حل مقفلاته ما يعده الحذاق من معضلاته ثم شرحه بعده بعض المتأخرين وهو أبو العباس سيدي أحمد بن عبد الله يعرف باليزناسني نسبا واشتهارا العبد المرادي أصلا ونجارا التلمساني نشأة ودارا شرحا اعتنى فيه بتفكيك العبارة وأغنى بالتصريح عن الإشارة إلا أنه لم يشف في النقل غليلا ولا أبرأ من داء الجهل عليلا وقد شرحه أيضا بعض أئمة المالكية من أهل المحلة من مصر ولم يصل شرحه إلينا ولما من الله علينا بإقرائه وقراءته واستعمال الفكر في تفهم عبارته وقيدنا على هوامش المتن والشرح ما هو كالتتمة للشرحين وأبرزنا من نكته وتحريراته ما فيه لطالبه قرة العين طلب منا بعض من عاين ذلك من الأصحاب وشاهده من ذوي الألباب أن
____________________

الصفحة 8