كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 1)

فجاءه رجل فقال: يا رسول الله لم أشعر فحلقت رأسي قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال: يا رسول الله لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي فقال: "إرم ولا حرج" فما سئل عن شيء قدم أو أخر إلا قال إفعل ولا حرج فإن حلق قبل الرمي فإن قلنا إن الحلق نسك جاز لما روى ابن عباس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل حلق قبل أن يذبح أو قبل أن يرمي يقول: "لا حرج لا حرج" وإن قلنا إنه استباحة محظور لم يجز لأنه فعل محظور فلم يجز قبل الرمي من غير عذر كالطيب.
فصل: والسنة أن يخطب الإمام يوم النحر بمنى وهي أحد الخطب الأربع ويعلم الناس الإفاضة والرمي وغيرهما من المناسك لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر بعد رميه الجمرة فكان في خطبته: "إن هذا يوم الحج الأكبر" ولأن في هذا اليوم وما بعده مناسك تحتاج إلى العلم بها فسن فيه الخطبة لذلك.
فصل: ثم يفيض إلى مكة ويطوف طواف الإفاضة ويسمى طواف الزيارة لما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة ثم ركب فأفاض إلى البيت وهذا الطواف ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به والأصل فيه قوله عز وجل {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29] وروت عائشة أن صفية رضي الله عنهما حاضت فقال صلى الله عليه وسلم: "أحابستنا هي"؟ فقلت يا رسول الله إنها قد أفاضت فقال: "فلا إذاً" فدل على أنه لابد من فعله وأول وقته إذا انتصفت ليلة النحر لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة رضي الله عنها يوم النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت والمستحب أن يطوف يوم النحر لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف يوم النحر فإن أخره إلى بعده وطاف جاز لأنه أتى به بعد دخول الوقت.
فصل: وإذا رمى وحلق وطاف حصل له التحلل الأول والثاني وبأي شيء حصل التحلل؟ إن قلنا إن الحلق نسك حصل له التحلل الأول باثنتين من ثلاثة وهي الرمي والحلق والطواف وحصل له الخلل الثاني بالثالث وإن قلنا إن الحلق ليس بنسك حصل

الصفحة 417