كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 1)

له فلا يملك إبطالها عليه بغير رضاه فإن ملكه السيد مالاً وقلنا إنه يملك تحلل بالهدي وإن لم يملكه أو ملكه وقلنا إنه لا يملك فهو كالحر المعسر وهل يتحلل قبل الهدي أو الصوم على ما ذكرناه من القولين في الحر ومن أصحابنا من قال يجوز للعبد أن يتحلل قبل الهدي والصوم قولاً واحداً لأن على المولى ضرراً في بقائه على الإحرام لأنه ربما يحتاج أن يستخدمه في قتل صيد أو إصلاح طيب وإن أحرم بإذن المولى لم يجز له أن يحلله لأنه عقد لازم عقده بإذن المولى فلم يملك إخراجه منه كالنكاح وإن أحرم المكاتب بغير إذن المولى ففيه طريقان: أحدهما أنه على قولين بناء على القولين في سفره للتجارة ومن أصحابنا من قال له أن يمنعه قولاً واحداً لأن في سفر الحج ضرراً على المولى من غير منفعة وسفر التجارة فيه منفعة للمولى.
فصل: وإن أحرمت المرأة بغير إذن الزوج فإن كان في تطوع جاز له أن يحللها لأن حق الزوج واجب فلا يجوز إبطاله عليه بتطوع وإن كان في حجة الإسلام ففيه قولان: أحدهما أن له أن يحللها لأن حقه على الفور والحج على التراخي فقدم حقه والثاني أنه لا يملك لأنه فرض فلا يملك تحليلها منه كالصوم والصلاة وإن أحرم الولد بغير إذن الأبوين فإن كان في حج فرض لم يجز لهما تحليله لأنه حج فرض فلم يجز إخراجه منه كالصوم والصلاة وإن كان في حج تطوع ففيه قولان: أحدهما يجوز لهما تحليله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن أراد أن يجاهد وله أبوان قال: "ففيهما فجاهد" فمنع من الجهاد لحقهما وهو فرض فدل على أن المنع من التطوع لحقهما أولى والثاني لا يجوز لأنها قربة لا مخافة عليه فيها فلا يجوز لهما تحليله منها كالصوم.
فصل: إذا أحرم وشرط التحلل لغرض صحيح مثل إن شرط أنه إذا مرض تحلل أو إذا ضاعت نفقته تحلل ففيه طريقان: أحدهما أنه لا يثبت الشرط لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر فلم يجز التحلل منها بالشرط كالصلاة المفروضة والثاني أنه يثبت الشرط لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن ضباعة ابنة الزبير بن عبد المطلب قالت: يا رسول الله إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج فكيف تأمرني أن أهل؟ قال أهلي واشترطي أن تحلي حيث حبستني فدل على جواز الشرط ومنهم من قال: يصح الشرط قولاً واحداً لأنه علق أحد القولين على صحة حديث ضباعة وقد صح حديث ضباعة فعلى هذا إذا شرط أنه إذا مرض تحلل لم يتحلل إلا بالهدي وإن شرط أنه إذا مرض صار حلالاً فمرض صار حلالاً ومن أصحابنا من قال لا يتحلل إلا بالهدي لأنه مطلق كلام الآدمي يحمل على ما تقرر في الشرع والذي تقرر بالشرع أنه لا يتحلل إلا بالهدي وأما إذا

الصفحة 428