كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 1)

لحمها وشرب من مرقها ولا يجب ذلك لقوله عز وجل: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج:36] فجعلها لنا وما هو للإنسان فهو مخير بين أكله وبين تركه وفي القدر الذي يستحب أكله قولان: قال في القديم: يأكل النصف ويتصدق بالنصف لقوله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج:28] فجعلها بين اثنين فدل على أنها بينهما نصفين وقال في الجديد: يأكل الثلث ويهدي الثلث ويتصدق بالثلث لقوله عز وجل: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج:36] وقال الحسن: القانع الذي يسألك والمعتر الذي يتعرض لك ولا يسألك وقال مجاهد: القانع الجالس في بيته والمعتر الذي يسألك فجعلها بين ثلاثة فدل على أنها بينهم أثلاثاً وأما القدر الذي يجوز أن يؤكل ففيه وجهان: قال أبو العباس بن سريج وأبو العباس بن القاص: يجوز أن يأكل الجميع لأنها ذبيحة يجوز أن يأكل منها فجاز أن يأكل جميعها كسائر الذبائح وقال عامة أصحابنا: يجب أن يبقى منها قدر ما يقع عليه اسم الصدقة لأن القصد منها القربة فإذا أكل الجميع لم تحصل القربة له فإن أكل الجميع لم يضمن على قول أبي العباس وابن القاص ويضمن على قول سائر أصحابنا وفي القدر الذي يضمن وجهان: أحدهما يضمن أقل ما يجزئ في الصدقة والثاني يضمن القدر المستحب وهو الثلث في أحد القولين والنصف في الآخر بناء على القولين فيمن فرق سهم الفقراء على اثنين وإن كان نذراً نظرت فإن كان قد عينه عما في ذمته لم تجز أن يأكل منه لأنه بدل عن واجب فلم يجز أن يأكل منه كالدم الذي يجب بترك الإحرام من الميقات وإن كان نذر مجازاة

الصفحة 436