كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 1)

كالنذر لشفاء المريض وقدوم الغائب لم يجز أن يأكل منه لأنه جزاء فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد فإن أكل شيئاً منه ضمنه وفي ضمانه ثلاثة أوجه: أحدها يلزمه قيمة ما أكل كما لو أكل منه أجنبي والثاني يلزمه مثله من اللحم لأنه لو أكل جميعه ضمنه بمثله فإذا أكل بعضه ضمنه بمثله والثالث يلزمه أن يشتري جزءاً من حيوان مثله ويشارك في ذبحه وإن كان نذراً مطلقاً ففيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه لا يجوز أن يأكل منه لأنه إراقة دم واجب فلا يجوز أن يأكل منه كدم الطيب واللباس والثاني يجوز لأن مطلق النذر يحمل على ما تقرر في المشرع والهدي والأضحية المعهودة في الشرع يجوز الأكل منها فحمل النذر عليه والثالث أنه إن كان أضحية جاز أن يأكل منها لأن الأضحية المعهودة في الشرع يجوز الأكل منها وإن كان هدياً لم يجز أن يأكل منه لأن أكثر الهدايا في الشرع لا يجوز الأكل منها فحمل النذر عليها.
فصل: ولا يجوز بيع شيء من الهدي والأضحية نذراً كان أو تطوعاً لما روي عن علي كرم الله وجهه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنة فأقسم جلالها وجلودها وأمرني أن لا أعطي الجازر منها شيئاً وقال: نحن نعطيه من عندنا ولو جاز أخذ العوض منه لجاز أن يعطي الجازر منها في أجرته ولأنه إنما أخرج ذلك قربة فلا يجوز أن يرجع إليه ما رخص فيه وهو الأكل.
فصل: ويجوز أن ينتفع بجلدها فيضع منه النعال والخفاف والفراء لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: دفت دافة من أهل البادية حضرة الأضحى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي" فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله: يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟ " قالوا: يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا وتصدقوا وادخروا" فدل على أنه يجوز اتخاذ الأسقية منها.
فصل: ويجوز أن يشترك سبعة في بدنة وفي البقرة لما روى جابر رضي الله عنه

الصفحة 437