كتاب نسخة نبيط بن شريط

53- (381) وبه، عن جده، قال: مر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبر أبي أحيحة، فقال أبو بكر: هذا قبر أبي أحيحة الفاسق، فقال خالد بن سعيد: والله ما يسرني أنه في أعلى عليين، وإنه مثل أبي قحافة، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَسُبُّوا الْمَوْتَى فَتُغْضِبُوا الأَحْيَاءَ "
54- (382) وَبِهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ النَّهْرِ، قَفَلَ أَبُو قَتَادَةَ الأَنْصَارِيُّ وَمَعَهُ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: مَا وراءك؟ وأخبرتها أَنَّهُ لَمَّا تَفَرَّقَتِ الْمُحَكَّمَةُ مِنْ عَسْكَرِ الْمُؤْمِنِينَ لَحِقْنَاهُمْ قَتَلْنَاهُمْ، فَقَالَتْ: ما كان معك من الوفد غَيْرَكَ؟ قُلْتُ: بَلَى سِتِّونَ أَوْ سبعون، قالت: أو كلهم يقول مِثْلَ الَّذِي تَقُولُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَتْ: قُصَّ عَلَيَّ الْقِصَّةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تَفَرَّقَتِ الْفِرْقَةُ وَهُمْ نَحْوٌ مِنَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، يُنَادُونَ لا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ، فَقَاتَلْنَاهُمْ بَعْدَ إِذْ نَاشَدْنَاهُمُ اللَّهَ وَكِتَابَهُ، فَقَالُوا: كَفَرَ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعَائِشَةُ وَمُعَاوِيَةُ فَلَمْ نَزَلْ نُحَارِبُهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْقُرْآنَ، فَقَتَلْنَاهُمْ وَقَتَلُونَا، وَوَلَّى مِنْهُمْ مَنْ وَلَّى، فَقَالَ: لا تَتَّبِعُوا مُوَلِّيًا فَأَقَمْنَا نَدُورُ عَلَى الْقَتْلَى حَتَّى وَقَفَتْ بَغْلَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلِيٌّ رَاكِبُهَا، فَقَالَ: اقْلِبُوا الْقَتْلَى، فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ عَلَى نَهْرٍ فِيهِ الْقَتْلَى، فَقَلَبْنَاهُمْ حَتَّى خَرَجَ فِي آخِرِهِمْ رجل أسود على كتفيه مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ، كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَسَّمَ فَيْئًا فَجَاءَ هَذَا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ فَوَاللَّهِ مَا عَدَلْتَ مُنْذُ الْيَوْمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ وَمَنْ يَعْدِلُ عَلَيْكَ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ " فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا اقْتُلُهُ؟ فَقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ مَنْ يقتله " فقال: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا يَمْنَعُنِي مَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَلِيٍّ أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى فِرْقَتَيْنِ تَمْرُقُ بَيْنَهُمَا فِرْقَةٌ مُحَلِّقُونَ رُؤُوسَهُمْ يَحِفُّونَ شَوَارِبَهُمْ، أُزُرُهُمْ إِلَى أَنْصَافِ سُوقِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَقْتُلُهُمْ أَحَبُّهُمْ إِلَيَّ وَأَحَبُّهُمْ إِلَى اللَّهِ "
-[130]-
قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْتِ تَعْلَمِينَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِمَ كَانَ الذي [كان] (¬1) مِنْكِ؟ فَقَالَتْ: يَا أَبَا قَتَادَةَ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، وللقدر سبب، إِنَّ النَّاسَ قَالُوا فِي قِصَّةِ الإفك ما قالوا، فكان أكثر الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ يَقُولُونَ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرُ رَبِّكَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِمَا يَرَى مِنْ قَلَقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُزْنِهِ، يَقْولُ: لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي نِسَاءِ قُرَيْشٍ مَنْ هِيَ أَبْهَى مِنْهَا وَأَجَلُّ نَسَبًا. فَوَجَدْتُ لِذَلِكَ وَكُنْتُ امْرَأَةً لِي مِنْ رسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَظٌّ وَمَنْزِلَةٌ، فَوَجَدْتُ لِذَلِكَ كَمَا يَجِدُ النَّاسُ، فَكَانَتْ أَشْيَاءُ أستغفر الله من اعتقادها.
¬__________
(¬1) [[من المخطوطة]] .

الصفحة 129