كتاب أخبار وأشعار لأبي عبد الله الحميدي

ابْنُ أَبِي نَصْرٍ الْحُمَيْدِيُّ، عَنِ ابْنِ حَزْمٍ
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْفُرَاتِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ، سَمِعْتُ حَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ خَرَكَاتِ الصُّوفِيَّ الْعَلَوِيَّ، يَقُولُ: سَأَلْتُ بَعْضَ الصُّوفِيَّةِ عَنِ اسْتِمَاعِ الْغِنَى؟ فَقَالَ: هُوَ مِثْلُ مَاءِ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ
أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الدَّقَّاقِ بِمَرْوَ مُتَمَثِّلا:
كَمْ مِنْ كِتَابٍ تَعْبِتُ فِي طَلَبِهِ ... وَكُنْتُ مِنْ أَبْخَلِ الْخَلائِقِ بِهِ
حَتَّى إِذَا مِتُّ وَانْقَضَى سَبَبِي ... عَادَ لِغَيْرِي فَصَارَ مِنْ كُتْبِهِ
أَنْشَدَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، بِالأَنْدَلُسِ، لأَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ: قَدْ أَزْمَعَ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَأْلَفُهُ عَلَى الرَّحِيلِ فَأَتَتِ السَّمَاءُ بِمَطَرٍ عَظِيمٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ:
هَلا ابْتَكَرْتَ لِبَيْنٍ أَنْتَ مُبْتَكِرُ ... هَيْهَاتَ يَأْبَى عَلَيْكَ اللَّهُ وَالْقَدَرُ
مَا زِلْتُ أَبْكِي حِذَارَ الْبَيْنِ مُلْتَهِفًا ... حَتَّى رَثَى لِي الرِّيحَ وَالْمَطَرُ
يَا بَرْدَهُ مِنْ حَيَا مُزْنٍ عَلَى كَبَدٍ ... نِيرَانُهَا بِغَلِيلِ الشَّوْقِ تَسْتَعِرُ
آلَيْتُ فِيكَ أَنْ لا أَرَى شَمْسًا وَلا قَمَرًا ... حَتَّى أَرَاكَ فَأَنْتَ الشَّمْسُ وَالْقَمْرُ
وَتُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ سَنَةَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاسْتَوْفَى إِحْدَى وَثَمَانِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، هَكَذَا رَأَيْتُ بِخَطِّ الْحَكَمِ الْمُسْتَنْصِرِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَمِيرِ، بِالأَنْدَلُسِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَبَّارِ الْخَوْلانِيُّ إِلَى الرَّئِيسِ أَبِي الْوَلِيدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَبِيبٍ، مِنْ قَصِيدَةِ تَعْزِيَةٍ عَنْ جَارِيَةٍ تُوُفِّيَتْ عِنْدَهُ، وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ:
أَوَ مَا رَأَيْتَ الدَّهْرَ أَقْبَلَ مُعْتِبًا ... مُتَنَصِّلا بِالْعُذْرِ لِمَا أَذْنَبَا
بِالأَمْسِ ذَوَى فِي رِيَاضِكَ أَيْكَةٌ ... وَالْيَوْمَ أَطْلَعَ فِي سَمَائِكَ كَوْكَبَا
لأَبِي عُمَرَ يُوسُفَ بْنِ هَارُونَ الْكِنْدِيِّ، الْمَعْرُوفِ بِالزِّيَادِيِّ فِي سِرَاجِ قَارِبٍ أَنْ يَنْطَفِئَ ثُمَّ خُبِيَ:

الصفحة 383