كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 1)

يقتضي رفع شيء، فإطلاق الطهارة على الوضوء المجدد، والغسل المستحب مجاز لمشابهته الوضوء الرافع في الصورة، وابن أبي الفتح لما استشعر هذا زاد بعد (ما يمنع الصلاة) وما أشبهه. لتدخل الأغسال المستحبة ونحوها، وهو على ما فيه من الإجمال يوهم أن: من حدث أو نجاسة. بيان لما أشبهه، وليس كذلك وإنما هو لبيان ما يمنع الصلاة، وحدها بعض متأخري البغاددة بأنها: استعمال الطهور في محل التطير على الوجه المشروع. ولا يخفى أن فيه زيادة، مع أنه حد للتطهير، لا للطهارة، فهو غير مطابق للمحدود، وقد حدت بحدود كثيرة يطول ذكرها والكلام عليها، والله أعلم.
قال:
(باب ما تكون به الطهارة من الماء)
ش: أي هذا باب. و (كان) هنا تامة، لأنها بمعنى الحصول والحدث، أي ما تحصل به الطهارة، كما في قوله تعالى: 19 ({وإن كان ذو عسرة}) على القراءة المشهورة، أي إن وجد ذو عسرة، أو حصل ذو عسرة، والباب ما يدخل منه إلى المقصود، ويتوصل به إلى الاطلاع عليه.
قال: والطهارة بالماء الطاهر المطلق، الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره، مثل ماء الباقلاء، وماء الحمص، وماء الورد، وماء الزعفران، وما أشبهها مما لا يزايل اسمه اسم الماء في وقت.
ش: الألف واللام للاستغراق، والجار والمجرور خبر الطهارة، وهو متعلق بمحذوف، وذلك المحذوف في الحقيقة هو الخبر، والتقدير: كل طهارة حاصلة أو كائنة بالماء. والطاهر (ما ليس بنجس)، (والمطلق) غير المقيد، وقد بينه وأوضحه بقوله: الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره ثم مثل للذي يضاف إلى اسم شيء غيره بماء الباقلاء، وهو الفول، وماء الورد، وماء الحمص، وماء الزعفران، وما أشبه هذه الأشياء، كماء القرنفل، وماء العصفر، ونحو ذلك مما لا يفارق اسمه اسم الماء في وقت. واحترز بذلك عن إضافة مفارقة في وقت كماء النهر و [ماء] البحر ونحو ذلك، لأن إضافته تزول بمفارقته، فوجود هذه الإضافة كعدمها، هذا حل لفظه.
وأما الأحكام المستنبطة منه فقد (دل منطوقه) على أن كل طهارة سواء كانت طهارة حدث أو خبث تحصل بكل ماء هذه صفته سواء نزل من السماء، أو نبع من الأرض على أي صفة خلق عليها، من بياض وصفرة، وسواد، وحرارة وبرودة، إلى غير ذلك، قال الله تعالى: 19 ({وأنزلنا من السماء ماء طهوراً}) وهذا وإن كان نكرة في سياق الإثبات لكنه في سياق الامتنان، فيعم كل ماء.
2 وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل النبي فقال: إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال
____________________

الصفحة 10