كتاب فيض القدير - ط العلمية (اسم الجزء: 1)

الصرم وهو القطع ، والأمر للإرشاد ، وقد يندب ، وقد يجب.
وقال غيره : وهو بفتح الراء مصدر صرم إذ قطع.
وبضمها اسم للقطيعة (تنبيه) قال الراغب : الجنون عارض يغمر العقل ، والحمق قلة التنبيه لطريق ، وكلاهما يكون تارة خلقة وتارة عارضا ، وقد عظم الحمق بما لم يعظم الجنون.
ونقل عن عيسى عليه السلام أنه أتى بأحمق ليداويه ، فقال أعيتني مداواة الأحمق ولم تعيني مداواة الأكمه
والأبرص.
والفرق بينه وبين الجنون أن المجنون غرضه الذي يريده ويقصده فاسد أو يكون سلوكه إلى غرضه صوابا ، والأحمق يكون غرضه الذي يريده صحيحا وسلوكه إليه خطأ.
ومحصول الخبر أن الأحمق ينبغي تجنبه وأن تفر منه فرارك من الأسد ، لأن الطباع سراقة ، وقد يسرق طبعك منه ، ومن ثم قيل : فارغب بنفسك لا تصادق أحمقا * إن الصديق على الصديق مصدق ولأن يعادي عاقلا خيرا له * من أن يكون له صديق أحمق وقال وهب : الأحمق إذا تكلم فضحه حمقه.
وإذا سكت فضحه عيه ، وإذا عمل أفسد ، وإذا ترك أضاع ، لا علمه يعينه ولا علم غيره ينفعه ، تود أمه أنها ثكلته ، وتود امرأته أنها عدمته ، ويتمنى جاره منه الوحدة ويأخذ جليسه منه الوحشة ، وقيل للفرزدق وهو صبي : أيسرك أنك لك مائة ألف وأنك أحمق ؟ قال لا لئلا يجني علي حمقي جناية فتذهب بمالي ويبقى حمقي علي.
وقال الماوردي : الأحمق ضال مضل ، إن أونس تكبر ، وإن أنس تكبر ، وإن أوحش تكدر ، وإن استنطق تخلف ، وإن ترك تكلف ، مجالسته مهنة ، ومعاتبته محنة ، ومجاورته تغر وموالاته تضر ، ومقارنته غم ، ومفارقته شفاء ، يسئ على غيره وهو يظن أنه قد أحسن إليه فيطالبه بالشكر ، ويحسن إليه غيره فيظن أنه قد أساء إليه فيرميه بالوزر ، فمساويه لا تنقضي ، وعيوبه لا تتناهى ، ولا يقف النظر منها على غاية إلا لوحت بما وراءها بما هو أدنى منها وأردى.
وأمر وأدهى.
ومن أمثالهم : الأحمق لا يجد لذة الحكمة كما لا ينتفع بالورد صاحب الزكمة.
واعلم أن صرم المسلم حرام أصالة فلا يحل لمسلم أن يصارم مسلما : أي يترك مكالمته إلا لسبب كوصف مذموم فيه كالحمق والبدعة.
قال النووي في شرح مسلم : يجوز هجر أهل البدع والفسق دائما.
والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام محله فيمن هجر لحظ نفسه ومعاش الدنيا.
قال الحافظ ابن حجر : وقد أجمعوا على جواز الهجر فوق ثلاث لمن خاف من مكالمته ضررا في دينه أو دنياه.
ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية.
وقال عمار : مصارمة جميلة أحب إلي من مودة على دغل (هب) من طريق محمد بن إسحاق البلخي عن عمر بن قيس بن بشير (عن بشير) بفتح الموحدة أوله
وزيادة ياء : وهو ابن زيد (الأنصاري) ذكره الحاكم ، وقال مسانيده عزيزة ، قال البيهقي وهم فيه الحاكم من ثلاثة أوجه أو أربعة : قوله عمر بن قيس ، وإنما هو عمرو.
وقوله بشير بموحدة مفتوحة بعدها معجمة مكسورة وإنما هو بضم التحتية بعدها مهملة مضغرا : وفي رفع الحديث وصوابه موقوف ، وفي جعله صحابيا وإنما له إدراك.
أه.
قال ابن حجر : وبقي عليه أنه وهم في قوله بشير بن زيد وإنما هو ابن عمر ، وفي كونه أنصاريا وإنما هو عبدي ، وقيل كندي.
أه.
وفيه عمرو بن قيس الكندي قال في الميزان عن ابن معين لا شئ ووثقه أبو حاتم.

الصفحة 678