كتاب تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (اسم الجزء: 1)

أنبأنا على بن عبد العزيز قال نبأنا أبو عبيد القاسم بن سلّام قال نبأنا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ. قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَجِيلَةَ- يُقَالُ لَهَا أُمُّ كُرْزٍ- لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ أَبِي هَلَكَ وَسَهْمُهُ ثَابِتٌ فِي السَّوَادِ وَإِنِّي لَمْ أُسْلِمْهُ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ كُرْزٍ، إِنَّ قَوْمَكِ قَدْ صَنَعُوا مَا قَدْ عَلِمْتِ. قَالَتْ: إِنْ كَانُوا صَنَعُوا مَا صَنَعُوا فَإِنِّي لَسْتُ أُسْلِمُ حَتَّى تَحْمِلَنِي عَلَى نَاقَةٍ ذَلُولٍ عَلَيْهَا قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ وَتَمْلأَ كَفِّي ذَهَبًا. قَالَ: فَفَعَلَ عُمَرُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَاحْتَجَّ قَوْمٌ بِفِعْلِ عُمَرَ هَذَا. وَقَالُوا: أَلا تُرَاهُ قَدْ أَرْضَى جَرِيرًا وَالْبَجَلِيَّةَ وَعَوَّضَهُمَا. وَإِنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي: أن عمر كان قد نَفَّلَ جَرِيرًا وَقَوْمَهُ ذَلِكَ نَفْلا قَبْلَ الْقِتَالِ، وَقَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْعِرَاقِ، فَأَمْضَى لَهُ نَفْلَهُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَفْلا مَا خَصَّهُ وَقَوْمَهُ بِالْقِسْمَةِ خَاصَّةً دُونَ النَّاسِ؛ وَإِنَّمَا اسْتَطَابَ أَنْفُسَهُمْ خَاصَّةً لأَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا أَحْرَزُوا ذَلِكَ وَمَلَكُوهُ بالنفل. فلا حجة في هذا لمن يزعم أنه لا بد للإمام من استرضائهم [1] .
قال الخطيب: ثم إن عمر رضي الله عنه أَقَرَّ أَهْلَ السَّوَادِ فِيهِ وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْخَرَاجَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ إِلَيْهِمُ الأَرْضَ يَعْمَلُونَ فِيهَا وَيَنْتَفِعُونَ بِهَا، وَبَعَثَ عُمَّالَهُ لِمِسَاحَتِهَا وَقَبَضَ الْوَاجِبَ عَنْهَا.
فَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ أنبأنا عبد الله بن إسحاق البغويّ قال أنبأنا على بن عبد العزيز قال نبأنا أبو عبيد قال نبأنا الأَنْصَارِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. وَلا أَعْلَمُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ إِلا قَدْ حَدَّثَنَاهُ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى صَلاتِهِمْ وَجُيُوشِهِمْ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى قَضَائِهِمْ وَبَيْتِ مَالِهِمْ، وَعُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مِسَاحَةِ الأَرْضِ. ثُمَّ فَرَضَ لَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ شَاةً. أَوْ قَالَ: جَعَلَ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ شَاةً، شَطْرُهَا وَسَوَاقِطُهَا لِعَمَّارٍ، وَالشَّطْرُ الآخَرُ بَيْنَ هَذَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: مَا أَرَى قَرْيَةً يُؤْخَذُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ شَاةٌ إِلا سَرِيعًا فِي خَرَابِهَا. قَالَ فَمَسَحَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ الأَرْضَ فَجَعَلَ عَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْقَضْبِ [2] سِتَّةَ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْبُرِّ أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين [3] .
__________
[1] انظر الخبر في: كتاب الأموال لأبي عبيد ص 87، 88.
[2] القضب: كل شجرة طالت وبسطت أغصانها.
[3] انظر الخبر في: الأموال، لأبي عبيد ص 98، 103.

الصفحة 39