@ 102 @
ذليل إن أحسنت فلمن لك وإن أسأت فبيدك عقوبتي جعلتني للبلاء غرضا فقد وقع علي البلاء لو سلطته على جبل لضعف عن حمله فكيف يحمله ضعفي ذهب المال فصرت أسأل بكفي فيطعمني من كنت أعوله اللقمة الواحدة فيمنها علي ويعيرني هلك أولادي ولو بقي أحدهم أعانني قد ملني أهلي وعقني أرحامي فتنكرت معارفي ورغب عني صديقي وجحدت حقوقي ونسيت صنائعي اصرخ فلا يصرخونني واعتذر فلا يعذرونني دعوت غلامي فلم يجبني وتضرعت إلى أمتي فلم ترحمني وإن قضاءك هو الذي آذاني وأقمأني وإن سلطانك هو الذي أسقمني فلو أن ربي نزع الهيبة التي في صدري وأطلق لساني حتى أتكلم ملء فمي ثم كان ينبغي للعبد ان يحاج مولاه عن نفسه لرجوت أنتعافيني عند ذلك ولكنه القاني وعلا عني فهو يراني ولا أراه ويسمعني ولا أسمعه لا نظر إلي فرحمني ولا دنا مني فاتكلم ببراءتي وأخاصم عن نفسي
فلما قال أيوب ذلك أظلتهم غمامة ونودي منها يا أيوب إن الله يقول قد دنوت منك ولم أزل منك قريبا فقم فأدل بحجتك وتكلم ببراءتك وقم مقام جبار فغنه لا ينبغي أن يخاصمني إلا جبار تجعل الزيار في فم الأسد واللجام في فم التنين وتكيل مكيالا من النور وتزن مثقالا من الريح وتصرصرة من الشمس وتردامس لقد منتك نفسك امرا لا تبلغه بمثل قوتك أردت أن تكابرني بضعفك أم تخاصمني بعيبك أم تحاجني بخطلك أين أنت مني يوم خلقت الأرض هل علمت بأي مقدار قدرتها ابن كنت معي يوم رفعت السماء سقفا في الهواء لا بعلائق ولا بدعائم تحملها هل تبلغ حكمتك ان تجري نورها أو تسير نجومها أو يختلف بأمرك ليلهاونهارها وذكر أشياء من مصنوعات الله
فقال أيوب قصرت عن هذا الأمر ليت الأرض انشقت لي فذهبت فيها ولم أتكلم بشيء يسخطك إلهي اجتمع علي البلاء وأنا أعلم أن كل الذي ذكرت صنع يديك وتدبير حكمتك لا يعجزك شيء ولا تخفي عليك خافية تعلم ما تخفي القلوب وقد علمت في بلائي ما لم أكن اعلمه كنت أسمع بسطوتك سمعا فاما الآن فهو نظر العين إنما تكلمت بما تكملت به لتعذرني وسكت لترحمني وقد وضعت يدي على فمي وعضضت على لساني والصقت بالتراب خدي فدسست فيه وجهي