كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 106 @
البرية اظهروا له العداوة وجعل بعض أخوته يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه فجع لا يرى منهم رحيما فضربوه حتى كادوا يقتلونه وجعل يصيح يا أبتاه يا يعقوب لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الاماء كادوا يقتلون قال لهم يهوذا أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه فانطلقوا به إلى الجب فأوثقوه كتافا ونزعوا قميصه والقوه فيه فقال يا أخوتاه ردوا علي قميصي أتوارى به في الجب فقال ادع الشمس والقمر والاحد عشر كوكبا يؤانسونك قال إني لم أر شيئا فدلوه في الجب فلما بلغ نصفه ألقوه وأرادوا أن يموت وكان في البئر ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فأقام عليها ثم نادوه فظن أنهم قد رحموه فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بالحجارة فمنعهم يهوذا ثم أوحى الله إليه { لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون } بالوحي
وقيل لا يشعرون أنه يوسف والجب بأرض بيت المقدس معروف
ثم عادوا إلى أبيهم عشاء يبكون فقالوا { يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب } فقال لهم أبوهم { بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل } ثم قال لهم أروني قميصه فأروه فقال تالله ما رأيت ذئبا أحلم من هذا أكل ابني ولم يشق قميصه ثم صاح وخر مغشيا عليه ساعة فلما أفاق بكى بكاء طويلا فأخذ القميص يقبله ويشمه
وأقام يوسف في الجب ثلاثة أيام وأرسل الله ملكا فحل كتافه ثم جاءت سيارة فأرسلوا واردهم وهو الذي يتقدم إلى الماء فأدلى دلوه إلى البئر فتعلق به يوسف فأخرجه من الجب وقال { يا بشرى هذا غلام } أي تباشروا وقيل بشرى اسم غلام { وأسروه بضاعة } يعني الوارد وأصحابه خافوا أن يقول اشتريناه فيقول الرفقة أشركونا فيه فقال إن أهل الماء استبضعونا هذا الغلام وجاء يهوذا بطعام ليوسف فلم يره في الجب فنظر فرآه عند مالك في المنزل فاخبر اخوته بذلك فاتوا مالكا

الصفحة 106