كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 109 @
خطأهن فيما قلن أقرت على نفسها وقالت { فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين } فاختار يوسف السجن على معصية الله فقال { رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن }
ثم بدا للعزيز من بعد ما رأى الآيات من القميص وخمش الوجه وشهادة الطفل وتقطيع النسوة أيديهن في ترك يوسف مطلقا وقيل إنها شكت إلى زوجها وقالت إن هذا العبد قد فضحني في الناس يخبرهم إنني راودته عن نفسه فسجنه سبع سنين
فلما حبس يوسف أدخل معه فتيان من أصحاب فرعون مصر أحدهما صاحب طعامه والآخر صاحب شرابه لأنهما نقل عنهما أنهما يريدان أن يسما الملك
فلما دخل يوسف السجن قال إني أعبر الأحلام فقال أحد الفتيين للآخر هلم فلنجربه قال الخباز إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه وقال الآخر إني أراني أعصر خمرا فقال لهما يوسف { لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما } كره أن يعبر لهما ما سألاه عنه وأخذ في عير ذلك وقال { يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار }
وكان اسم الخباز مجلت واسم الآخر نبو فلم يدعاه حتى أخبرهما بتأويل ما سألاه عنه فقال أما أحدكما وهو الذي رأى أنه يعصر الخمر فيسقي ربه خمرا يعني سيده الملك وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه
فلما عبر لهما قالا ما رأينا شيئا قال قضى الأمر الذي فيه تستفتيان ثم قال لنبو وهو الذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك الملك وأخبره أني محبوس ظلما فانساه الشيطان ذكر ربه غفلة عرضت ليوسف من قبل الشيطان فأوحى الله إليه

الصفحة 109