كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 113 @
وجهز يوسف بجهازهم وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم يعني ثمن الطعام في رحالهم لعلهم يرجعون لما علم أن أمانتهم وديانتهم تحملهم على رد البضاعة فيرجعون إليه لأجلها وقيل رد مالهم لأنه خشي أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة أخرى فإذا رأوا معهم بضاعة عادوا وكان يوسف حين رأى ما بالناس من الجهد قد آسى بينهم وكان لا يحمل للرجل إلا بعيرا
فلما رجعوا إلى أبيهم بأجمالهم قالوا يا أبانا إن عزيز مصر قد أكرمنا كرامة لو أنه بعض أولاد يعقوب ما زاد على كرامته وأنه ارتهن شمعون وقال ائتوني باخيكم الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم { فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون } قال { هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل }
{ ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير }
قال يعقوب { ذلك كيل يسير } فقال يعقوب { لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل }
ثم أوصاهم أبوهم بعد أن أذن لأخيهم في الرحيل معهم وقال { يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة } خاف عليهم العين وكانوا ذوي صورة حسنة ففعلوا كما أمرهم أبوهم { ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه } وعرفه وأنزلهم منزلا وأجرى عليهم الوظائف وقدم لهم الطعام وأجلس كل اثنين على مائدة فبقي بنيامين وحده فبكى وقال لو كان أخي يوسف حيا لأجلسني معه فقال

الصفحة 113