كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 128 @
ولا يحملهم على ما لا يطيقون وإن أصابتهم مصيبة أو تنقص من ثمارهم أن يسقط عنهم خراج ما نقص وأن اجتاحتهم مصيبة أن يعوضهم ما يقويهم على عمارتهم ثم يأخذ منهم بعد ذلك قدر ما لا يجحف بهم في سنة أو سنتين ألا وإن الملك ينبغي أن يكون فيه ثلاث خصال أن يكون صديقا لا يكذب وأن يكون سخيا لا يبخل وأن يملك نفسه عند الغضب فإنه مسلط ويده مبسوطة والخراج يأتيه فلا يستأثر على جنده ورعيته بما هم أهل له وأن يكثر العفو فإنه لا ملك أقوى ولا أبقى من ملك فيه العفو فإن الملك أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ألا وإن الترك قد طمعت فيكم فاكفونا فإنما تكفون أنفسكم وقد أمرت لكم بالسلاح والعدة وأنا شريككم في الرأي وإنما لي من هذا الملك اسمه مع الطاعة منكم وإنما الملك ملك إذا أطيع فإن خولف فهو مملوك وليس بملك ألا وإن أكمل الاداة عند المصيبات الأخذ بالصبر والراحة إلى اليقين فمن قتل في مجاهدة العدو رجوت له بفوز رضوان الله وإنما هذه الدنيا سفر لأهلها لا يحلون عقد الرحال إلا في غيرها وهي خطبة طويلة
ثم أمر بالطعام فأكلوا وشربوا وخرجوا وهم له شاكرون مطيعون وكان ملكه مائة وعشرين سنة
وزعم ابن الكلبي أن الرائش واسمه الحرث بن قيس بن صيفي بن سبا بن يعرب بن قحطان وكان قد ملك اليمن بعد يعرب بن قحطان كان ملكه باليمن أيام ملك منوجهر وإنما سمي الرائش لغنيمة غنمها فادخلها اليمن فسمي الرائش ثم غزا الهند فقتل بها وأسر وغنم ورجع إلى اليمن ثم سار على جبلي طيئ ثم على الانبار ثم على الموصل ووجه منها خيله وعليها رجل من أصحابه يقال له شمر بن العطاف فدخل على الترك بأرض أذربيجان فقتل المقاتلة وسبى الذرية وكتب ما كان من مسيرة على حجرين وهما معروفان باذربيجان
ثم ملك بعده ابنه ابرهة ولقبه ذو المنار وإنما لقب بذلك لأنه غزا بلاد المغرب وأوغل فيها برا وبحرا وخاف على جيشه الضلال عند قفوله فبنى المنار ليهتدوا وقد زعم أهل

الصفحة 128