@ 137 @
استأنس فعاد فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن من الشجرة في البقعة المباركة أن بورك من في النار ومن حولها يا موسى إني أنا الله رب العالمين
فلما سمع النداء ورأى تلك الهيبة علم أنه ربه تعالى فخفق قلبه وكل لسانه وضعفت قوته وصار حيا كميت إلا أن الروح تترد فيه فأرسل الله إليه ملكا يشد قلبه فلما ثاب إلى عقله نودي { فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى } وإنما أمر بخلع نعليه لأنهما كانتا من جلد حمار ميت وقيل لينال قدمه الأرض المباركة
ثم قال له تسكينا لقلبه { وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي } يقول أضرب الشجر فيسقط ورقه للغنم { ولي فيها مآرب أخرى } أحمل عليها المزود والسقاء وكانت تضيء لموسى في الليلة المظلمة وكانت إذا أعوزه الماء دلاها في البئر فينال الماء ويصير في رأسها شبه الدلو وكان إذا اشتهى فاكهة غرسها في الأرض فنبتت لها اغصان تحمل الفاكهة لوقتها قيل له ألقها يا موسى فألقاها موسى فإذا هي حية تسعى عظيمة الجثث في خفة حركة الجان
فلما رآها موسى ولي مدبرا ولم يعقب فنودي يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون أقبل ولا تخف سنعيدها سيرتها الاولى عصا وإنما أمره الله بإلقاء العصا حتى إذا ألقاها عند فرعون لا يخاف منها
فلما أقبل قال : خذها ولا تخف وأدخل يدك في فيها وكان على موسى جبه صوف فلف يده بكمه وهو لها هائب فنودي ألق كمك عن يدك فألقاه وأدخل يده بين لحييها فلما أدخل يده عادت عصا كما كانت لا ينكر منها شيئا
ثم قال له أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء يعني برصا فأدخلها وأخرجها بيضاء من غير سوء مثل الثلج لها نور ثم ردها فعادت كما كانت فقيل له