كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 146 @
وقيل إن السامري صاغ العجل من ذلك الحلي في ثلاثة أيام ثم قذف فيه التراب فقام له خوار فلما رأوه قال لهم السامري هذا إلهكم وإله موسى فنسي موسى وتركه ههنا وذهب يطلبه فعكفوا عليه يعبدونه فقال لهم هارون يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري فأطاعه بعضهم وعصاه بعضهم فأقام بمن معه ولم يقاتلهم ولما ناجى الله تعالى موسى قال له ما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك ربي لترضى قال فإنا قد فتنا قومك ومن بعدك يا موسى وأضلهم السامري فقال موسى يا رب هذا السامري قد أمرهم أن يتخذوا العجل من نفخ فيه الروح قال أنا قال فأنت اذن أضللتهم
ثم أن موسى لما كلمه الله تعالى أحب أن ينظر إليه قال { رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني } فتجلى الله تعالى { للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين }
وأعطاه الألواح فيها الحلال والحرام والمواعظ وعاد موسى ولا يقدر أحد أن ينظر إليه وكان يجعل عليه حريرة نحو أربعين يوما ثم يكشفها لما تغشاه من النور
فلما وصل إلى قومه ورأى عبادتها العجل ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه ولحيته يجره إليه قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي فترك هارون وأقبل على السامري وقال ما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس
ثم أخذ العجل وبرده بالمبارد وأحرقه وأمر السامري فبال عليه وذراه في البحر فلما ألقى موسى الألواح ذهب ستة أسباعها وبقي سبع وطلب بنو إسرائيل التوبة فأبى الله أن يقبل توبتهم وقال لهم موسى { يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم } فاقتتل الذين عبدوه والذين لم

الصفحة 146