كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 147 @
يعبدوه فكان من قتل من الفريقين شهيدا فقتل منهم سبعون ألفا وقام موسى وهارون يدعوان الله فعفا عنهم وأمرهم بالكف عن القتال وتاب عليهم وأراد موسى قتل السامري فأمره الله بتركه وقال إنه سخي فلعنه موسى
ثم إن موسى اختار من قومه سبعين رجلا من أخيارهم وقال لهم انطلقوا معي إلى الله فتوبوا مما صنعتم وصوموا وتطهروا وخرج لهم إلى طور سيناء للميقات الذي وقته الله له فقالوا اطلب أن نسمع كلام ربنا فقال أفعل
فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ودخل فيه موسى وقال للقوم ادنوا فدنوا حتى دخلوا في الغمام فوقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه فلما فرغ انكشف عن موسى الغمام فأقبل إليهم فقالوا لموسى { لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة } فماتوا جميعا
فقام موسى يناشد الله ويقول يا رب اخترت أخيار بني إسرائيل وأعود إليهم وليسوا معي فلا يصدقونني ولم يزل يتضرع إلى الله حتى رد الله إليهم أرواحهم فعاشوا رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون فقالوا يا موسى أنت تدعوا الله فلا تسأله شيئا إلا أعطاك فاعده يجعلنا أنبياء فدعا الله فجعلهم أنبياء وقيل أمر السبعين كان قبل أن يتوب الله على بني إسرائيل فلما مضوا للمقيات واعتذروا قبل توبتهم وأمرهم أن يقتل بعضهم بعضا والله أعلم
ولما رجع موسى إلى بني إسرائيل ومعه التوراة أبوا أن يقبلوها ويعملوا بما فيها للاثقال والشدة التي جاء بها وأمر الله جبريل فقطع جبلا من فلسطين على قدر عسكرهم وكان فرسخا في فرسخ ورفعه فوق رؤوسهم مقدار قامة الرجل مثل الظلة وبعث نارا من قبل وجوههم وأتاهم البحر من خلفهم فقال لهم موسى { خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا } فان قبلتموه وفعلتم ما أمرتم به وإلا رضختكم بهذا الجبل وغرقتكم في هذا البحر واحرقتكم بهذه النار فلما رأوا أن لا مهرب لهم قبلوا ذلك وسجدوا على شق وجوههم وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصارت سنة في اليهود

الصفحة 147