@ 149 @
$ ذكر أمر بني إسرائيل في التيه ووفاة هارون عليه السلام $
ثم إن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يسير ببني إسرائيل إلى أريحاء بلد الجبارين وهي أرض ببيت المقدس فساروا حتى كانوا قريبا منهم فبعث موسى اثني عشر نقيبا من سائر أسباط بني إسرائيل فساروا ليأتوا بخبر الجبارين فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عوج بن عناق فأخذ الأثني عشر فحملهم وانطلق بهم إلى امرأته فقال انظري إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا وأراد أن يطأهم برجله فمنعته امرأته وقالت أطلقهم ليرجعوا ويخبروا قومهم بما رأوا ففعل ذلك فلما خرجوا قال بعضهم لبعض إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل بخبر هؤلاء لا يقدموا عليهم فاكتموا الأمر عنهم وتعاهدوا على ذلك ورجعوا فنكث عشرة منهم العهد وأخبروا بما رأوا وكتم رجلان منهم وهما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ختن موسى ولم يخبروا إلا موسى وهارون
فلما سمع بنو إسرائيل الخبر عن الجبارين امتنعوا عن المسير إليهم {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين}
قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين و إنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون قال رجلان وهما يوشع وكالب {من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون}
فغضب موسى فدعا عليهم فقال {رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين} وكانت عجلة من موسى فقال الله تعالى {فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض}
فندم موسى حينئذ فقالوا له فكيف لنا بالطعام فأنزل الله المن والسلوى فأما المن فقيل هو كالصمغ وطعمه كالشهد يقع على الأشجار وقيل هو الترنجبين وقيل هو الخبر الرقاق وقيل هو عسل كان ينزل لكل انسان صاع