@ 35 @
وقيل أرسل إليهما ملكا يعلمهما ما يلبسانه من جلود الضأن والأنعام وقيل كان ذلك لباس أولاده وأما هو وحواء فكان لباسهما ما كان خصفا من ورق الجنة.
$ ما يزعم من بناء آدم للبيت $
فأوحى الله إلى آدم إن لي حرما حيال عرشي فانطلق وابن لي بيتا فيه ثم حف به كما رأيت ملائكتي يحفون بعرشي فهنالك أستجيب لك ولولدك من كان منهم في طاعتي فقال آدم يل رب وكيف لي بذلك لست أقوى عليه ولا أهتدي إليه فقيض الله ملكا فانطلق به نحو مكة وكان آدم إذا مر بروضة قال للملك انزل بنا ههنا فيقول الملك مكانك حتى قدم مكة فكان كل مكان نزله آدم عمرانا وما عداه مفاوز فبنى البيت من خمسة اجبل من طور سيناء وطور زيتا ولبنان والجودي وبنى قواعده من حراء فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك التي يفعلها الناس اليوم ثم قدم به مكة فطاف بالبيت أسبوعا ثم رجع إلى الهند فمات على نود
فعلى هذا القول أهبط حواء وآدم وإن جميعا وإن آدم بنى البيت وهذا خلاف الذي نذكره إن شاء الله تعالى منه إن البيت أنزل من السماء
وقيل حج آدم من الهند أربعين حجة ماشيا
ولما أنزل إلى الهند كان على رأسه إكليل من شجر الجنة فلما وصل إلى الأرض يبس فتساقط ورقه فنبتت منه أنواع الطيب بالهند وقيل بل الطيب من الورق الذي خصفه آدم وحواء عليهما وقيل لما أمر بالخروج من الجنة جعل لا يمر بشجرة منها إلا أخذ منها غصنا فهبط وتلك الأغصان معه فكان أصل الطيب بالهند منها وزوده الله من ثمار الجنة فثمارنا هذه منها غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير وعلمه صنعة كل شيء ونزل معه بعض طيب الجنة والحجر الأسود وكان أشد بياضا من الثلج وكان من ياقوت الجنة ونزل معه عصا موسى وهي من آس الجنة أو من لبان وأنزل بعد ذلك العلاة والمطرقة والكلبتان وكان حسن الصورة لا يشبهه من ولده غير يوسف
وأنزل عليه جبريل بصرة فيها حنطة فقال آدم ما هذا قال هذا الذي أخرجك من الجنة فقال ما أصنع به فقال انثره في الأرض ففعل الله من ساعته ثم حصده وجمعه وفركه وذراه وطحنه وعجنه وخبزه كل ذلك بتعليم جبريل عليه السلام وجمع له جبريل الحجر والحديد فقدحه فخرجت منه النار وعلمه جبريل صنعة الحديد والحراثة وانزل إليه ثورا فكان يحرث عليه قيل هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى بقوله {فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} ثم إن الله أنزل آدم من الجبل وملكه الأرض وجميع ما عليها من الجن والدواب والطير وغير ذلك فشكا إلى الله تعالى وقال يا رب أما في هذه الأرض منم يسبحك غيري فقال الله تعالى سأخرج من صلبك من يسبحني ويحمدني وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري وأجعل فيها بيتا أختصه بكرامتي وأسميه بيتي وأجعله حرما آمنا فمن حرمه بحرمتي فقد استوجب كرامتي ومن أخاف أهله فيه فقد خفر ذمتي وأباح حرمتي أول بيت وضع للناس فمن اعتمده لا يريد غيره فقد وفد إلي وزارني وضافني ويحق على الكريم أن يكون وفده وأضيافه وأن يسعف كلا بحاجته تعمره أنت يا آدم ما كنت حيا ثم تعمره الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة
ثم أمر آدم أن يأتي البيت الحرام وكان قد أهبط من الجنة ياقوتة واحدة وقيل درة واحدة وبقي كذلك حتى أغرق الله قوم نوح عليه السلام فرفع وبقي أساسه فبوأ الله لإبراهيم عليه السلام فبناه على ما نذكره إن شاء الله تعالى
وسار آدم إلى البيت ليحجه ويتوب عنده وكان قد بكى هو وحواء على خطيئتهما وما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ثم أكلا وشربا بعدها ومكث آدم لم يقرب حواء مائة عام فحج البيت وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وهي قوله تعالى {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}
$ الغريب $
نود بضم النون وسكون الواو آخره دال مهملة