كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 456 @
حذيفة قومه وتعاقدوا على عبس وجمع الربيع وقيس قومهما واستعدوا للحرب فأغارت فزارة على بني عبس فأصابوا نعما ورجالا فحميت عبس واجتمعت للغارة فنذرت بهم فزارة فخرجوا إليهم فالتقوا على ماء يقال له العذق وهي أول وقعة كانت بينهم فاقتتلوا قتالا شديدا وقتل عوف بن يزيد قتله جندب بن خلف العبسي وانهزمت فزارة وقتلوا قتلا ذريعا وأسر الربيع بن زياد حذيفة بن ندبة وكان حر بن الحارث العبسي قد نذر إن قدر على حذيفة أن يضربه بالسيف وله سيف قاطع يسمى الأصرم فأراد ضربه بالسيف لما أسر وافاء بنذره فأرسل الربيع إلى امرأته فغيبت سيفه ونهوه عن قتله وحذروه عاقبة ذلك فأبى إلا ضربه فوضعوا عليه الرجال فضربه فلم يصنع السيف شيئا وبقي حذيفة أسيرا فاجتمعت غطفان وسعوا في الصلح فاصطلحوا على أن يهدروا دم بدر بن حذيفة بدم مالك بن زهير ويعقلوا عوف بن بدر ويعطوا حذيفة عن ضربته التي ضربه حر مائتين من الابل وأن يجعلوها عشارا كلها وأربعة أعبد وأهدر حذيفة دماء من قتل من فزارة في الوقعة وأطلق من الأسر فلما رجع إلى قومه ندم على ذلك وساءت مقالته في بني عبس وركب قيس بن زهير وعمارة بن زياد فمضيا إلى حذيفة وتحدثا معه فأجابهما إلى الاتفاق وأن يرد عليهما الإبل التي أخذ منهما وكانت توالدت عنده فبينما هم في ذلك إذ جاءهم سنان بن أبي حارثة المري فقبح رأي حذيفة في الصلح وقال إن كنت لا بد فاعلا فاعطهم إبلا عجافا مكان إبلهم واحبس أولادها فوافق ذلك رأي حذيفة فأبى قيس وعمارة ذلك وقيل إن الإبل التي طلبوها منه هي إبل كان قد أخذها سبقا من قيس وقيل أيضا إن مالك بن زهير قتل بعد هذه الوقعة المذكورة قال حميد بن بدر في ذلك
( قتلنا بعوف مالكا وهو ثارنا ... ومن يبتدع شيئا سوى الحق يظلم )
وجعل سنان يحث حذيفة على الحرب فتيسروا لها ثم إن الأنصار بلغهم ما عزموا عليه فاتفق جماعة من رؤسائهم وهم عمرو بن الأطنابة ومالك بن عجلان وأحيحة بن الجلاح وقيس بن الخطيم وغيرهم وساروا ليصلحوا بينهم فوصلوا إليهم وترددوا في الاتفاق فلم يجب حذيفة إلى ذلك وظهر لهم بغيه فحذروه عاقبته وعادوا عنه وأغار حذيفة على عبس وأغارت عبس على فزارة وتفاقم الشر وأرسل حذيفة أخاه حملا فأغار وأسر ريان بن الأسلع بن سفيان وشده وثاقا وحمله إلى حذيفة فأطلقه

الصفحة 456