كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 487 @
النحوس ومضى بسطام على وجهه فلما دنا من نقا يقال له الحسن في بلاد ضبة صعده ليراه فإذا هو بنعم قد ملأ الأرض فيه ألف ناقة لمالك بن المنتفق الضبي من بني ثعلبة بن سعد بن ضبة قد فقأ عين فحلها وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية إذا بلغت إبل أحدهم ألف بعير فقأوا عين فحلها لترد عنها العين وهي إبل مرتبعة ومالك بن المنتفق فيها على فرس له جواد
فلما أشرف بسطام على النقا تخوف أن يروه فينذروا به فاضطجع وتدهدى حتى بلغ الأرض وقال يا بني شيبان لم أر كاليوم قط في الغرة وكثرة النعم ونظر إلى نقيد إلى لحية بسطان معفرة بالتراب لما تدهدى فتطير له أيضا وقال إن صدقت الطير فهو أول من يقتل وعزم الأسدي على فراقه فأخذته رعدة تهيبا لفراقه والانصراف عنه وقال له ارجع يا أبا الصهباء فإني أتخوف عليك أن تقتل فعصاه ففارقه نقيد وركب بسطام وأصحابه وأغاروا على الإبل واطردوها وفيها فحل لمالك يقال له أبو شاعر وكان أعور فنجا مالك على فرسه إلى قومه من ضبة حتى إذا أشرف على تعشار نادى يا صباحاه وعاد راجعا وأدرك الفوارس القوم وهم يطردون النعم فجعل فحله أبو شاعر يشذ من النعم ليرجع وتتبعه الإبل فكلما تبعته ناقة عقرها بسطام فلما رأى مالك ما يصنع بسطام وأصحابه قال ماذا السفه يا بسطام لا تعقرها فإما لنا وإما لك فأبى بسطام وكان في آخريات الناس على فرس أدهم يقال له الزعفران يحمي أصحابه فلما لحقت خيل ضبة قال لهم مالك ارموا روايا القوم فجعلوا يرمونها فيشقونها فلحقت بنو ثعلبة وفي أوائلهم عاصم بن خليفة الصباحي وكان ضعيف القتل وكان قبل ذلك يعقب قناة له فيقال له ما تصنع بهم يا عاصم فيقول أقتل عليها بسطاما فيهرعون منه
فلما جاء الصريخ ركب فرس أبيه ومر بغير أمره ولحقه الخيل فقال لرجل من ضبة أيهم الرئيس قال صاحب الفرس الأدهم فعارضه عاصم حتى حاذاه ثم حمل عليه فطعنه بالرمح في صماخ أذنه أنفذ الطعنه إلى الجانب الآخر وخر بسطام على شجرة يقال لها الألاءة فلما رأت ذلك شيبان خلوا سبيل النعم وولوا الأدبار فمن قتيل وأسير وأسر بنو ثعلبة نجاد بن قيس أخا بسطام في سبعين من بني شيبان وكان عبد الله بن

الصفحة 487