كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 495 @
فاقتتل القوم قتالا شديدا يومهم أجمع فحمل يزيد بن شداد بن قنان الحارثي على النعمان بن مالك بن جساس فرماه بسهم فقتله وصارت الرياسة لقيس بن عاصم واقتتلوا حتى حجز بينهم الليل وباتوا يتحارسون فلما أصبحوا غدوا على القتال وركب قيس بن عاصم وركبت مذحج واقتتلوا أشد من القتال الأول فكان أول من انزهم من مذحج مدرج الرياح وهو عامر بن الجون بن عبد الله الجرمي وكان صاحب لوائهم فالقى اللواء وهرب فلحقه رجل من بني سعد فعقر به دابته فنزل يهرب ماشيا ونادى قيس عاصم يا آل تميم عليكم الفرسان ودعوا الرجالة فإنها لكم وجعل يلتقط الأسارى وأسر عبد يغوث بن الحارث بن وقاص الحارثي رئيس مذحج فقتل بالنعمان بن مالك بن جساس وكان عبد يغوث شاعرا فشدوا لسانه قبل قتله لئلا يهجوهم فاشار إليهم ليحلوا لسانه ولا يهجوهم فحلوه فقال شعرا
( ألا لا تلوموني كفى اللوم مابيا ... فمالكما في اللوم نفع ولا ليا )
( ألم تعلما أن الملامة نفعها ... قليل وما لومي أخي من شماليا )
( فيا راكبا إما عرضت فبلغن ... نداماي من نجران أن لا تلاقيا )
( أبا كرب والا يهمين كليهما ... وقيسا بأعلى حضرموت اليمانيا )
( أقول وقد شدوا لساني بنسعة ... معاشر تيم أطلقوا من لسانيا )
( كأني لم أركب جوادا ولم أقل ... لخيلي كرى كرة من ورائيا )
( ولم أسبأ الزق الروى ولم أقل ... لإيسار صدق عظموا ضوء ناريا )
( وقد علمت عرسي مليكة أنني ... أنا الليث معدوا عليه وعاديا )
( لحى الله قوما بالكلاب شهدتهم ... صميمهم والتابعين والمواليا )
( ولو شئت نجتني من القوم شطبة ... ترى خلفها الكمت العتاق تواليا )
( وكنت إذا ما لخيل شمصها القنا ... لبيقا بتصريف القناة بنانيا )
( فيا عاص فك القيد عني فانني ... صبور على مر الحوادث ناكيا )

الصفحة 495