كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)
@ 5 @
بسم الله الرحمن الرحيم
$ خطبة الكتاب $
الحمد لله القديم فلا أول لوجوده الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده الملك حقا فلا تدرك العقول حقيقة كنهه القادر فكل ما في العالم من أثر قدرته المقدس فلا تقرب الحوادث حماه. المنزه عن التعبير فلا ينجو منه سواه. مصرف الخلائق بين رفع وخفض وبسط وقبض وإبرام ونقص وإماتة وإحياء وإيجاد وإفناء وإسعاد وإضلال وإعزاز وإذلال يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير مبيد القرون السالفة والأمم الخالفة لم يمنعهم منه ما اتخذوه معقلا وحرزا فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا بتقديره النفع والضر وله الخق والأمر تبارك الله رب العالمين أحمده على ما أولى من نعمه وأجزل للناس من قسمه وأصلي على رسوله محمد سيد العرب والعجم المبعوث إلى جميع الأمم وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى ومصابيح الظلم وعليهم وسلم.
أما بعد فإني لم أزل محبا لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها مؤثرا للإطلاع على الجلي من حوادثها وخافيها مائلا إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها فلما تأملتها رأيتها متباينة في تحصيل الغرض يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض فمن بين مطول قد استقصى الطرق والروايات ومختصر قد أخل بكثير مما هو آت ومع ذلك فقد ترك كلهم العظيم من الحادثات والمشهور من الكائنات.
وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى وترك تسطيرها أحرى كقولهم: خلع فلان الذمي صاحب العيار وزاد رطلا في الأسعار وأكرم فلان وأهين فلان
الصفحة 5
626