كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 502 @
ومن معهم أخبرتهم عيونهم وعادت إليهم مشايخهم فحذروا فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا ثلاثة أيام يعاودونهم القتال بفيف الريح فالتقى الصميل بن الأعور الكلابي وعمرو بن صبيح النهدي فطعنه عمرو فاعتنق الصميل فرسه وعاد فلقيه رجل من خثعم فقتله وأخذ درعه وفرسه وشهدت بنو نمير يومئذ مع عامر بن الطفيل فأبلوا بلاء حسنا وسموا ذلك اليوم حريجة الطعان لأنهم اجتمعوا برماحهم فصاروا بمنزلة الحرجة وهي شجر مجتمع وسبب اجتماعهم أن بني عامر جالوا جولة إلى موضع يقال له العرقوب والتفت عامر بن الطفيل فسأل عن بني نمير فوجدهم قد تخلفوا في المعركة فرجع وهو يصيح يا صباحاه يا نميراه ولا نمير لي بعد اليوم حتى اقتحم فرسه وسط القوم فقويت نفوسهم وعادت بنو عامر وقد طعن عامر بن الطفيل ما بين ثغرة نحره إلى سرته عشرين طعنه وكان عامر في ذلك اليوم يتعهد الناس فيقول يا فلان ما رأيتك فعلت شيئا فمن أبلى فليرني سيفه ورمحه ومن لم يبل شيئا تقدم فأبلى فكان كل من أبلى بلاء حسنا أتاه فأراه الدم على سنان رمحه أو سيفه فأتاه رجل من الحارثيين اسمه مسهر فقال له يا أبا علي أنظر ما صنعت بالقوم انظر إلى رمحي فلما أقبل عليه عامر لينظر وجأه بالرمح في وجنته ففلقها وفقأ عينه وترك رمحه وعاد إلى قومه وإنما دعاه إلى ذلك ما رآه يفعل بقومه فقال هذا والله مبير قومي فقال عامر بن الطفيل
( أتونا بشهران العريضة كلها ... وأكلب طرافي جياد النسور )
( لعمري وما عمري علي بهين ... لقد شان حر الوجه طعنه مسهر )
( فبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا ... جبانا وما أغنى لدى كل محضر )
وأسرت بنو عامر يومئذ سيد مراد جريحا فلما برأ من جراحته أطلق وممن أبلى يومئذ أريد بن قيس بن حر بن خالد بن جعفر وعبيد بن شريح بن الأحوص بن جعفر وقال لبيد بن ربيعة ويقال انها لعامر بن الطفيل
( أتونا بشهران العريضة كلها ... وأكلها في مثل بكر بن وائل )
( فبتنا ومن ينزل به مثل ضيفنا ... يبت عن قرى أضيافه غير غافل )

الصفحة 502