@ 511 @
وأشجع فأخذوها وعادا متوجهين إلى بلادهم فضلوا في الطريق فسلكوا وادي النباة فامعنوا فيه ولا طريق لهم ولا مطلع حتى قاربوا آخره وكاد الجبلان يلتقيان إذا هم بامرأة من بني عبس تخبط الشجر لهم في قلة الجبل فسألوها عن المطلع فقالت لهم الفوارس المطلع وكانت قد رأت الخيل قد أقبلت وهي على الجبل ولم يرها بنو عامر لأنهم في الوادي فارسلوا رجلا إلى قلة الجبل ينظر فقال لهم أرى قوما كأنهم الصبيان على متون الخيل أسنة رماحهم عند آذان خيلهم قالوا تلك فزارة قال وأرى قوما بيضا جعادا كأن عليهم ثيابا حمرا قالوا تلك أشجع قال وأرى قوما نسورا قد قلعوا خيولهم ببدادهم كأنهما يحملونها حملا بافخاذهم آخذين بعوامل رماحهم يجرونها قالوا تلك عبس أتاكم الموت الزؤام ولحقهم الطلب بالوادي فكان عامر بن الطفيل أول من سبق على فرسه الورد ففات القوم وأعيا فرسه الورد وهو المربوق أيضا فعقره لئلا تفتحله فزارة واقتتل الناس ودام القتال بينهم وانهزمت عامر فقتل منهم مقتلة كبيرة قتل فيها من أشرافهم البراء بن عامر بن مالك وبه يكنى أبوه وقتل نهشل وأنس وهزار بنو مرة بن أنس بن خالد بن جعفر وقتلوا عبد الله بن الطفيل أخا عامر قتله الربيع بن زياد العبسي وغيرهم كثير وتمت الهزيمة على بني عامر
$ يوم الفرات $
قال أبو عبيدة أغار المثنى بن حارثة الشيباني وهو ابن أخت عمران بن مرة على بني تغلب وهم عند الفرات وذلك قبيل الإسلام فظفر بهم فقتل من أخذ من مقاتلتهم وغرق منهم ناس كثير في الفرات وأخذ أموالهم وقسمها بين أصحابه فقال شاعرهم في ذلك
(ومنا الذي غشى الدليكة سيفه ... على حين أن أعيا الفرات كتائبه)
(ومنا الذي شد الركي ليستقي ... ويسقي محضا غير ضاف جوانبه)
(ومنا غريب الشام لم ير مثله ... أفك لعان قد تناءى أقاربه)
(الدليكة) فرس المثنى بن حارثة والذي شد الركي مرة بن همام وغريب الشام ابن القلوص بن النعمان بن ثعلبة