كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 535 @
الأسلت فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كان بعضهم يفني بعضا وسمي ذلك اليوم يوم الفجار لغدرهم بالغلمان وهو الفجار الأول فكان قيس بن الخطيم في حائط له فانصرف فوافق قومه قد برزوا للقتال فعجز عن أخذ سلاحه إلا السيف ثم خرج معهم فعظم مقامه يومئذ وأبلى بلاء حسنا وجرح جراحة شديدة فمكث حينا يتداوى منها وأمر أن يحتمي عن الماء فذلك يقول عبد الله بن رواحة
(رميناك أيام الفجار فلم تزل ... حميا فمن يشرب فلست بشارب)
$ يوم معبس ومضرس $
ثم التقوا عند معبس ومضرس وهما جداران فكانت الخزرج وراء مضرس وكانت الأوس وراء معبس فاقاموا أياما يقتتلون قتالا شديدا ثم انهزمت الأوس حتى دخلت البيوت والآطام وكانت هزيمة قبيحة لم ينهزموا مثلها ثم إن بني عمرو بن عوف وبني أوس مناة من الأوس وادعوا الخزرج فامتنع من الموادعة بنو عبد الأشهل وبنو ظفر وغيرهم من الأوس وقالوا لا نصالح حتى ندرك ثأرنا من الخزرج فألحت الخزرج عليهم بالأذى والغارة حين وادعهم بنو عمر بن عوف وأوس بن مناة فعزمت الأوس إلا من ذكرنا على الانتقال من المدينة فأغارت بنو سلمة على مال لبني الأشهل يقال له الرعل فقاتلوهم عليه فجرح سعد بن معاذ الأشهلي جراحة شديدة واحتمله بنو سلمة إلى عمرو بن الجموح الخزرجي فأجاره وأجار الرعل من الحريق وقطع الأشجار فلما كان يوم بعاث جازاه سعد على ما نذكره إن شاء الله ثم سارت الأوس إلى مكة لتحالف قريشا على الخزرج وأظهروا أنهم يريدون العمرة وكانت عادتهم أنه إذا أراد أحدهم العمرة أو الحج لم يعرض إليه خصمه ويعلق المعتمر على بيته كرانيف النخل ففعلوا ذلك وساروا إلى مكة فقدموها وحالفوا قريشا وأبو جهل غائب فلما قدم أنكر ذلك وقال لقريش أما سمعتم قول الأول ويل للأهل من النازل أنهم لأهل عدد وجلد ولقلما نزل قوم على قوم إلا أخرجوهم من بلادهم وغلبوهم عليه قالوا فما المخرج من حلفهم قال أا أكفيكموهم ثم خرج حتى جاء الأوس فقال إنكم حالفتم قومي وأنا غائب

الصفحة 535