كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 54 @
أمعاءه وأشره بمئشار وقيل إنه أدعى الربوبية فوثب عليه أخوه ليقتله واسمه اسفنور فتوارى عنه مائة سنة فخرج عليه في تواريه بيوراسب فغلبه على ملكه وقيل كان ملكه سبعمائة سنة وست عشرة سنة وأربعمائة أشهر
قلت وهذا الفصل من حديث جم قد أتينا به تاما بعد أن كنا عازمين على تركه لما فيه من الأشياء التي تمجها الأسماع وتأباها العقول والطباع فإنها من خرافات الفرس مع أشياء أخر قد تقدمت قبلها وإنما ذكرناها ليعلم جهل الفرس فإنهم كثيرا ما يشنعون على العرب بجهلهم وما بلغوا هذا ولأنا لو كنا تركنا هذا الفصل لخلا من شيء نذكره من أخبارهم
$ ذكر الأحداث التي كانت في زمن نوح عليه السلام $
قد اختلف العلماء في ديانة القوم الذين أرسل إليهم نوح فمنهم من قال إنهم كانوا قد اجمعوا على العمل بما يكرهه الله تعالى من ركوب الفواحش والكفر وشرب الخمور والاشتغال بالملاهي عن طاعة الله ومنهم من قال إنهم كانوا أهل طاعة وبيوراسب أول من أظهر القول بمذهب الصابئين وتبعه على ذلك الذين أرسل إليهم نوح وسنذكر أخبار بيوراسب فيما بعد وأما كتاب الله تعالى قال فينطق بأنهم أهل أوثان قال تعالى {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا}
قلت لا تناقض بين هذه الأقاويل الثلاثة فغن القول الحق الذي لا يشك فيه هو أنهم كانوا أهل أوثان يعبدونها كما نطق به القرآن وهو مذهب طائفة من الصابئين فإن أصل مذهب الصابئين عبادة الروحانيين وهم الملائكة لتقربهم إلى الله تعالى زلفى فإنهم اعترفوا بصانع العالم وأنه حكيم قادر مقدس إلا أنهم قالوا الواجب علينا معرفة العجز اعترفوا بصانع العالم وأنه حكيم قادر مقدس إلا أنهم قالوا الواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى معرفة جلاله وإنما نتقرب إليه بالوسائط المقربة لديه وهم الروحانيون وحيث لم يعاينوا الروحانيين تقربوا إليهم بالهياكل وهي الكواكب السبعة

الصفحة 54