كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 55 @
السيارة لأنها مدبرة لهذا العالم عندهم ثم ذهبت طائفة منهم وهم أصحاب الأشخاص حيث رأوا أن الهياكل تطلع وتغرب وترى ليلا ولا نهارا إلى وضع الأصنام لتكون نصب أعينهم ليتوسلوا بها إلى الهياكل والهياكل إلى الروحانيين والروحانيون إلى صانع العالم
فهذا كان أصل وضع الأصنام أولا وقد كان أخيرا في العرب من هو على هذا الاعتقاد قال تعالى {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} فقد حصل من عبادة الاصنام مذهب الصابئين والكفر والفواحش وغير ذلك من المعاصي فلما تمادى قوم نوح على كفرهم وعصيانهم بعث الله إليهم نوحا يحذرهم بأسه ونقمته ويدعوهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق والعمل بما أمر الله تعالى وأرسل نوح وهو ابن خمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما
وقال عون بن شداد إن الله تعالى أرسل نوحا وهو ابن ثلثمائة وخمسين سنة فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم عاش بعد ذلك ثلثمائة وخمسين سنة وقيل غير ذلك وقد تقدم قال ابن إسحاق وغيره إن قوم نوح كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال اللهم اغفر لي ولقومي فإنهم لا يعلمون حتى إذا تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة وتطاول عليه وعليهم الشأن اشتد عليه البلاء وانتظر النجل بعد النجل فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله حتى إن كان الآخر ليقول قد كان هذا مع آبائنا وأجدادنا مجنونا لا يقبلون منه شيئا وكان يضرب ويلف ويلقى في بيته يرون أنه قد مات فإذا أفاق اغتسل وخرج إليهم يدعوهم إلى الله فلما طال ذلك عليه ورأى الأولاد شرا من الآباء قال رب قد ترى ما يفعل بي عبادك فإن تلك لك فيهم حاجة فاهدهم وإن يك غير ذلك فصبرني إلى أن تحكم فيهم فأوحى إليه {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} إلى آخر القصة
فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم أوحى الله إلأيه أن اصنع الفلك بأعيننا ووجينا

الصفحة 55