كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 57 @
تعلق إبليس بذنبه فلم ترتفع رجلاه فجعل نوح يأمره بالدخول فلا يستطيع حتى قال ادخل وإن كان الشيطان معك فقال كلمة زلت على لسانه فلما قالها دخل الشيطان معه فقال له نوح ما أدخلك يا عدو الله فقال ألم تقل أدخل وإن كان الشيطان معك فتركه
ولما أمر نوح بإدخال الحيوان السفينة قال أي رب كيف أصنع بالأسد والبقرة وكيف أصنع بالعناق والذئب والطير والهر قال الذي ألقى بينها العداوة وهو يؤلف بينها فألقى الحمى على الأسد وشغله بنفسه ولذلك قيل
(وما الكلب محموما وإن طال عمره ... ألا إنما الحمى على الأسد الورد) وجعل نوح الطير في الطبق الأسفل من السفينة وجعل الوحش في الطبق الأوسط وركب هو ومن معه من بني آدم في الطبق الأعلى فلما اطمأن نوح في الفلك وأدخل فيه كل من أمر به وكان ذلك بعد ستمائة سنة من عمره في قول بعضهم وفي قول بعضهم ما ذكرناه وحمل معه من حمل جاء الماء كما قال الله تعالى {ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر} فكان بين أن أرسل الماء وبين أن يحتمل الماء الفلك أربعون يوما وأربعون ليلة وكثر واشتد وارتفع وطمى وغطى نوح عليه وعلى من معه طبق السفينة وجعلت الفلك تجري بهم ولا تكن عهد الجبال وهي حرز وملجأ فقال نوح {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين}
وعلا الماء على رؤوس الجبال فكان على أعلا جبل في الأرض خمسة عشر ذراعا فهلك ما على وجه الأرض من حيوان وبنات فلم يبق إلا نوح ومن معه والأعوج بن عنق فيما زعم أهل التوراة وكان بين إرسال الماء وبين أن غاض ستة أشهر وعشر ليال قال ابن عباس أرسل الله المطر أربعين يوما فأقبلت الوحش حين

الصفحة 57