@ 597 @
وإن شفاعتهن لترجى فلما سمع ذلك قريش سرهم والمسلمون مصدقون بذلك لرسول الله لا يتهمونه ولا يظنون به سهوا ولا خطأ فلما انتهى إلى سجدة سجد معه المسلمون والمشركون إلا الوليد بن المغيرة فإنه لم يطق السجود لكبره فأخذ كفا من البطحاء فسجد عليها ثم تفرق الناس وبلغ الخبر من بالحبشة من المسلمين إن قريشا أسلمت فعاد منهم قوم وتخلف قوم وأتى جبريل رسول الله فأخبره بما قرأ فحزن رسول الله وخاف فأنزل الله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته } فذهب عنه الحزن والخوف واشتدت قريش على المسلمين فلما قرب المسلمون الذين كانوا بالحبشة من مكة بلغهم أن إسلام أهل مكة باطل فلم يدخل أحد منهم إلا بجوار أو مستخفيا فدخل عثمان في جوار أبي أحيحة سعيد بن العاص بن أمية فأمن بذلك ودخل أبو حذيفة بن عتبة بجوار أبيه ودخل عثمان بن مظعون بجوار الوليد بن المغيرة ثم قال أكون في ذمة مشرك جوار الله أعز فرد عليه جواره وكان لبيد بن ربيعة ينشد قريشا قوله ( ألا كل ما خلا الله باطل )
فقال عثمان بن مظعون صدقت فلما قال ( وكل نعيم لا محالة زائل ) قال كذبت نعيم الجنة لا يزول فقال لبيد يا معشر قريش ما كانت مجالسكم هكذا ولا كان السفه من شأنكم فأخبروه خبره وخبر ذمته فقام بعض بني المغيرة فلطم عين عثمان فضحك الوليد شماته به حيث رد جواره وقال لعثمان ما كان أغناك عن هذا