كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 64 @
$ ذكر ملك أفريدون $
وهو أفريدون بن أثغيان وهو من ولد جمشيد وقد زعم نسابه الفرس أن نوحا هو أفريدون الذي قهر الضحاك وسلبه ملكه وزعم بعضهم أن أفريدون هو ذو القرنين صاحب إبراهيم الذي ذكره الله في كلامه العزيز وإنما ذكرته في هذا الموضع لأن قصته في أولاده الثلاثة شبيهة بقصة نوح على ما سيأتي ولحسن سيرته وهلاك الضحاك على يديه ولأنه قيل إن هلاك الضحاك كان على يد نوح
وأما باقي نسابة الفرس فإنهم ينسبون أفريدون إلى جمشيد الملك وكان بينهما عشرة آباء كلهم يسمى أثغيان خوفا من الضحاك وإنما كانوا يتميزون بألقاب لقبوها فكان يقال لأحدهم أثغيان صاحب البقر أحمر وأثغيان صاحب البقر البلق وأشباه ذلك وكان أفريدون أول من ذلل الفيلة وامتطاها ونتج البغال واتخذ الاوز والحمام وعمل الترياق ورد المظالم وأمر الناس بعبادة الله والأنصاف والإحسان ورد على الناس ما كان الضحاك غصبه من الأرض وغيرها إلا ما لم يجد له صاحبا فإنه وقفه على المساكين
وقيل إنه أول من سمي الصوفي وهو أول من نظر في علم الطب وكان له ثلاثة بنين اسم الأكبر شرم والثاني طوج والثالث أيرج فخاف أن يختلفوا بعده فقسم ملكه بينهم أثلاثا وجعل ذلك في سهام كتب أسماؤهم عليها وأمر كل واحد منهم فاخذ سهما العراق والسند والهند والحجاز وغيرها لا يرج وهو الثالث وكان يحبه وأعطاه التاج والسرير
ومات افريدون ونشبت العداوة بين أولاده وأولادهم من بعدهم ولم يزل التحاسد ينمو بينهم إلى أن وثب طوج وشرم على أخيهما أيرج فقتلاه وقتلا ابنين كانا لا يرج وملكا الأرض بينهما ثلاثمائة سنة ولم يزل افريدون يتبع من بقي بالسواد من آل نمروذ والنبط وغيرهم حتى أتى على وجوههم ومحا أعلامهم وكان ملكه خمسمائة سنة
$ ذكر الأحداث التي كانت بين نوح وإبراهيم $
قد ذكرنا ما كان من أمر نوح وأمر ولده واقتسامهم الأرض بعده ومساكن كل فريق منهم فكلن ممن طغى وبغى فأرسل الله إليهم رسولا فكذبوه فأهلكك الله هذان الحيان من ولد إرم بن سام بن نوح أحدهما عاد والثاني ثمود

الصفحة 64