كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 74 @
قومه إلى ترك ما هم عليه ويأمرهم بعبادة الله تعالى دعا أباه الى التوحيد فلم يجبه ودعا قومه فقالوا من تعبد أنت قال رب العالمين قالوا نمروذ قال بل أعبد الذي خلقني فظهر أمره
وبلغ نمروذ أن إبراهيم أراد أن يري قومه ضعف الأصنام التي يعبدونها ليلزمهم الحجة فجعل يتوقع قرصة ينتهي بها ليفعل بأصنامهم ذلك فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم أي طعين ليهربوا منه إذا سمعوا به وإنما يريد إبراهيم أن يخرجوا عليه ليبلغ من أصنامهم وكان لهم عيد يخرجون إليه جميعهم فلما خرجوا قال هذه المقالة فلم يخرج معهم الى العيد وخالف الى أصنامهم وهوي قول { وتالله لأكيدن أصنامكم } فسمعه ضعفاء الناس ومن هو في آخرهم ورجع إلى الأصنام وهي في بهو عظيم بعضها إلى جنب بعض كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو وإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي آلهتهم وقالوا نترك الآلهة إلى حين نرجع فتأكله فلما نظر إبراهيم الى ما بين أيديهم من الطعام قال ألا تأكلوا فلما لم يجبه أحد قال ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فكسرها بفأس في يده حتى إذا بقي أعظم صنم منها ربط الفأس بيده ثم تركهن
فلما رجع قومه ورأوا ما فعل بأصنامهم راعهم ذلك وأعظموه وقالوا { من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم } يعنون يسبها ويعيبها ولم نسمع ذلك من غيره وهو الذي نظنه صنع بها هذا وبلغ ذلك نمروذ وأشرف قومه فقالوا { فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون } ما نفعل به وقيل يشهدون عليه كرهوا أن يأخذوه بغير بينة فلما أتى به واجتمع له قومه عند ملكهم نمروذ وقالوا { أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون } غضب من أن تعبدوا هذه الصغار وهو أكبر منها فكسرها فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرها إلى أنفسهم فيما بينهم فقالوا لقد ظلمناه وما نراه

الصفحة 74