كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 76 @
فلما أجمعوا لقذفه فيها صاحت السماء والأرض وما فيها الا الثقلين إلى الله صيحة واحدة أي ربنا إبراهيم ليس في أرضك من يعبدك غيره يحرق بالنار فيك فإذن لنا في نصره قال الله تعالى إن استغاث بشئ منكم فلينصره وإن يدع غيري فأنا له فلما رفعوه على رأس البنيان رفع إلى السماء وقال اللهم أنت الواحد في السماء وأنت الواحد في الأرض حسبي الله ونعم الوكيل
وعرض له جبريل وهو يوثق فقال ألك حاجة يا إبراهيم قال أما إليك فلا فقذفوه في النار فناداها الله فقال يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وقيل ناداها جبريل فلو لم يتبع بردها سلام لمات إبراهيم من شدة بردها فلم يبق يومئذ نار إلا طفئت ظنت أنها هي وبعث الله ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد فيها إلى جنبه يؤنسه فمكث نمروذ أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم فرأى كأنه نظر فيها وهي يحرق بعضها بعضا وإبراهيم جالس إلى جنبه رجل مثله فقال لقومه لقد رأيت كأن إبراهيم حي ولقد شبه علي ابنوا لي صرحا يشرف بي على النار فبنوا له واشرف منه فرأى إبراهيم جالسا والى جانبه رجل في صورته فناداه نمروذ يا إبراهيم إن الهك كبير الذي بلغت قدرته وعزته أن حال بينك وبين ما أرى هل تستطيع أن تخرج منها
قال نعم قال أتخشى إن أقمت فيها قال لا
فقام إبراهيم فخرج فلما خرج قال له يا إبراهيم من الرجل الذي رأيت معك مثل صورتك
قال ذلك ملك الظل أرسله إلي ربي ليؤانسي
قال نمروذ إي مقرب إلهك قربنا لما رأيت من قدرته وعزته وما صنع بك حين أبيت إلا عبادته فقال إبراهيم إذا لا يقبل الله منكم كنت على شيء من دينك فقال يا إبراهيم لا أستطيع ترك ملكي وقرب أربعة آلاف بقرة وكف عن إبراهيم ومنعه الله منه وآمن مع إبراهيم رجال من قومه حين رأوا ما صنع الله به على خوف من نمرود وملئهم وآمن له لوط بن هاران وهو ابن اخي إبراهيم وكان لهم أخ ثالث يقال له

الصفحة 76