@ 89 @
هكذا روي أنه لم يحدث وهذا ليس بشيء فإن الطبع البشري لم يخل منه إنسان حتى الأنبياء صلوات الله عليهم وهو أكثر اتصالا بالعالم العلوي وأشرف أنفسا ومع هذا فيأكلون ويشربون ويبولون ويتغوطون فلو نجا منه أحد لكان الأنبياء أولى لشرفهم وقربهم من الله تعالى وإن كان لكثرة ملكه فالصحيح أنه لم يملك مستقلا ولو ملك مستقلا لكان الاسكندر أكثر ملكا منه ومع هذا فلم يقل فيه شيء من هذا
قال زيد بن أسلم إن الله تعلى بعث إلى نمروذ بعدإبراهيم ملكاص يدعوه إلى الله أربع مرات فأبى وقال أرب غيري فقال له الملك اجمع جموعك إلى ثلاثة ايام فجمع جموعه ففتح الله عليه بابا من البعوض فطلعت الشمس فلم يروها من كثرتهل فبعثها فأرسل الله عليه بعوضة فدخلت في منخره فمكث يضرب رأسه بالمطارق فأرحم الناس به من يجمع يديه ويضرب بهما رأسه وكان ملكه ذلك أربعمائة سنة وأماته الله تعالى وهو الذي بنى الصرح
وقال جماعة إن نمروذ بن كنعان ملك مشرق الأرض ومغربها وهذا قول يدفعه أهل العلم باليسر وأخبار الملوك وذلك أنهم لا ينكرون أن مولد إبراهيم كان أيام الضحاك الذي ذكرنا بعض أخباره فيما مضى وأنه كان ملك شرق الأرض وغربها وقول القائل إن الضحاك الذي ملك الأرض هو نمروذ ليس بصحيح لأن أهل العلم بالمتقدمين يذكرون أن نسب نمروذ في النبط معروف ونسب الضحاك في الفرس مشهور وإنما الضحاك استعمل نمروذ على السواد وما اتصل به يمنة ويسرة وجعله وولده عمالا على ذلك وكان هو ينتقل في البلاد وكان وطنه ووطن أجداده دنباوند من جبال طبرستان وهناك رمى به افريدون حين ظفر به
وكذلك بختنصر ذكر بعضهم أنه ملك الأرض جميعها وليس كذلك وإنما كان