كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 1)

@ 9 @
مطلب وإذا أراد الله أمرا هيأ له السبب وشرعت في أتمامه مسابقا ومن العجب ان السكيت يروم أن يجيء سابقا ونصبت نفسي غرضا للسهام وجعلتها مظنة لأقوال اللوام لأن المآخذ اذا كانت تتطرق إلى التصنيف المهذب والاستدراكات تتعلق بالمجموع المرتب الذي تكررت مطالعته وتنقيحه وأجيد تأليفه وتصحيحه فهي بغيره أولى وبه أحرى على أني مقر بالتقصير فلا أقول ان الغلط سهو جرى به القلم بل اعترف بان ما أجهل اكثر مما أعلم
وقد سميته اسما يناسب معناه وهو الكامل في التاريخ
$ فائدة التصنيف في التاريخ $
ولقد رأيت جماعة ممن يدعي المعرفة والدراية ويظن بنفسه التبحر في العلم والرواية يحتقر التواريخ ويزدريها ويعرض عنها ويلغيها ظنا منه ان غاية فائدتها إنما هو القصص والأخبار ونهاية معرفتها الأحاديث والأسمار وهذه حال من اقتصر على القشر دون اللب نظره وأصبح مخشلبا جوهره ومن رزقه الله طبعا سليما وهداه صراطا مستقيما علم ان فوائدها كثيرة ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة وها نحن شيئا مما ظهر لنا فيها ونكل إلى قريحة الناظر فيه معرفة باقيها
$ فوائده الدنيوية $
فأما فوائدها الدنيوية فمنها ان الأنسان لا يخفي أنه يحب البقاء ويؤثر أن يكون في زمرة الأحياء فياليت شعري أي فرق بين ما رآه أمس أو سمعه وبين ما قرأه في الكتب المتضمنة أخبار الماضين وحوداث المتقدمين فإذا طالهعا فكأنه عاصرهم وإذا علمها فكأنه حاضرهم
ومنها أن الملوك ومن إليهم الأمر والنهي إذا وقفوا على ما فيها من سيرة أهل الجور والعدوان ورأوها مدونة في اكتب يتناقلها الناس قيرويها خلف عن سلف ونظروا إلى ما

الصفحة 9