@ 91 @
$ ذكر قصة قوم لوط $
قد ذكرنا مهاجر لوط مع إبراهيم عليه السلام إلى مصر وعودهم إلى الشام ومقام لوط وبسدوم فلما أقام بها أرسله الله إلى أهلها وكانوا أهل كفر بالله تعالى وركوب فاحشة كما قال {لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر} فكان قطعهم السبيل أنهم كانوا ياخذون المسافر إذا مر بهم ويعلمون به ذلك العمل الخبيث وهو اللواطة وأما إتيانهم النمكر في ناديهم فقيل كانوا يحذفون من مر بهم ويسخرون منهم وقيل كانوا يتضارطون في مجالسهم وقيل كان يأتي بعضهم بعضا في مجالسهم وكان لوط يدعوهم إلى بعادة الله وينهاهم عن الأمور التي يكرها الله منهم من قطع السبيل وركوب الفواحش وإتيان الذكور في الأدبار ويتوعدهم على إصرارهم وترك التوبة بالعذاب الأليم فلا يزجرهم ذلك ولا يزيدهم وعظه إلا تماديا واستعجالا لعقاب الله انكارا منهم لوعيده ويقولون له أئتنا بعذاب الله أن كنت من الصادقين حتى سأل لوط ربه النصرة عليهم فلما تطاول عليه أمرهم وتماديهم في غيهم
فبعث الله لما أراد هلاكهم ونصر رسوله جبرائيل وملكين آخرين معه أحدهما ميكائيل والآخر إسرافيل فاقبلوا فيما ذكر مشاة في صورة رجال وأمرهم أن يبدأوا بإبراهيم وسارة ويبشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب
فلما نزلوا على إبراهيم وكان الضيف قد أبطأ عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه وكان يضيف من نزل به وقد وسع الله عليه الرزق فرح بهم ورأى ضيفا لم ير مثلهم حسنا وجمالا فقال لا يخدم هؤلاء القوم أحد إلا أنا بيدي فخرج إلى أهله