كتاب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب (اسم الجزء: 1)

والجفاف الإيجاز والاختصار المخل كقول الحارث بن حلزة المتوفي سنة 232هـ?.

والعيشُ خيرٌ في ظلال النّوكِ ... ممَّن عاشَ كدّا
ووحدة السياق التزام أسلوب واحد من التعبير وطريقة واحدة من التركيب بحيث تكون للأذهان كلالا وللقلوب ملالاً.
وللكلام عيوب كثيرة منها اللحن ومخالفة القياس الصرفي وضعف التأليف والتعقيد والتكرار وتتابع الإضافات إلى غير ذلك من الأشياء التي تكون ثقيلة على اللسان مخالفة للذوق والعرب غريبة على السمع.
وأما طبقاته ثلاث الأولى: الطبقة السفلى ومرجعها إلى الإنشاء الساذج وهو ما عرا عن رقة المعاني وجزالة الألفاظ والتأنق في التعبير فهو بالكلام العادي أشبه لسهولة مأخذه وقرب مورده ويستعمل في المحافل العمومية ليقرب منال المعاني على جمهور السامعين في المقالات والتأليف العلمية لينصرف الذهن إلى أخذ المعنى وليس دونه حائل من جهة العبارة وفي المكاتبات الأهلية والرحلات والأسفار والأخبار وما شابه ذلك (الثانية: الطبقة العليا) ومرجعها إلى الإنشاء العالي وهو ما شحن بغرر الألفاظ وتعلق بأهداب المجاز ولطائف التخيلات وبدائع التشابيه فيفتن ببراعته العقول ويسحر الألباب ويصلح في الترسل بين بلغاء الكتاب وفي المجالس الأدبية وديباجة بعض التصانيف إلى غير ذلك من المواضع التي من شأنها الزجر وتحريك العواطف والحماسة.

الصفحة 21