كتاب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب (اسم الجزء: 1)

بين بين، وإذا تشخصت الصور في الخيال يتخير العقل منها ماله المكانة الرفيعة في حسن تأدية الغرض المناسب للمقام فإن كان المقام للتحريض على القتال مثلاً انتخب الصورة المهيجة للإحساس المشجعة للنفس على اقتحام الأخطار وإن كان المقام مقام فرح وسرور انتخب نما يشرح الصدور وتقر به العيون وتروق به الأرواح ويذهب عنها الحزن والأتراح.
وبعد تشخيص الصور وتخير المناسب منها تعتن أيها المنشئ بحسن تأليف وترتيب ما تخيرته بأن تجمع الصور المناسبة التي يرتبط بعضها ببعض بدون تكلف بحيث يكون المجموع منسجماً يمضي وحده مع النفس دون علاج وتعب في فهم الغرض منه وحينئذ يمكنك إظهار هذه الصورة المعقولة في صورة محسوسة بواسطة القلم.

أركان الكتابة
اعلم أن للكتابة أركاناً لابد من إيداعها في كل كتاب بلاغي ذي شأن. أولها أن يكون مطلع الكتاب عليه جدة ورشاقة فإن الكاتب من أجاد المطلع والمقطع. أو يكون مبنياً على مقصد الكتاب. الثاني: أن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى برابطة لتكون رقاب المعاني آخذة بعضها

الصفحة 23