كتاب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب (اسم الجزء: 1)

فلما رأى عمه أخذته حمية الجاهلية فجعل يده في فم الحية وحكم سيفه فيها فقال:
بشرٌ إلى المجد بعيدٌ همّه ... لما رآه بالعراءِ عمّهُ
قد ثكلتهُ نفسهُ وأمُّه ... جاشتْ به جائشةٌ تهمهُ
قام إلى ابنِ للفلاَ يؤمُّه ... فغاب فيه يدهُ وكمّهُ
ونفسهُ نفسي وسمّي سمُّهُ
فلما قتل الحية قال عمه إني عرضتك طمعاً في أمر قد ثنى الله عناني فارجع لأزوجك لابنتي فلا رجع جعل بشر فمه فخراً حتى طلع أمرد كشق القمر على فرسه مدججاً في سلاحه فقال بشر يا عم إني اسمع حس صيد وخرج فإذا بغلام على قيد فقال ثكلتك أمك يا بشر أن قتلت دودة وبهيمة تملأ ما ضغنك فخراً أنت في أمان إن سلمت عمك فقال بشر من أنت لا أم لك قال اليوم الأسود والموت الأحمر فقال بشر: ثكلتك من سلحتك فقال يا بشر ومن سلحتك وكر كل واحد منهما على صاحبه فلم يتمكن بشر منه وأمكن الغلام عشرون طعنة في كلية بشر كلما مسه شبا السنان حماه عن بدنه إبقاء عليه. ثم قال يا بشر كيف ترى أليس لو أردت لأطعمتك أنياب الرمح ثم ألقى رمحه واستل سيفه فضرب بشراً عشرين ضربة بعرض السيف ولم يتمكن بشر من واحدة ثم قال يا بشر سلم عمك واذهب في أمان قال نعم ولكن على شريطة أن تقول لي من أنت فقال أنا ابن المرأة التي دلتك على ابنة عمك: فقال بشر:
تلك العصا من هذه العصيّه ... هل تلدُ الحيَّةُ إلا الحيّة
وحلف لا ركب حصاناً ولا تزوج حصاناً ثم زوج ابنة عمه لابنه.

الصفحة 400