كتاب البرهان في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

عصمتهم عن زلل عن الفعل فمعنى ذلك أن العصمة تجب لجميعهم فأما أن تجب لآحادهم عن زلل عن الفعل فمعنى ذلك أن العصمة تجب لجميعهم فأما أن تجب لآحادهم فلا فلم يمتنع صدر الزلل عن بعضهم وإذا كان كذلك فكيف يتأتي في العادة تصور عدد لا يسوغ منهم التواطؤ ثم يطبقون على فعل واحد فإن تكلف متكلف في تصويره فإنما يمكن فرضه إذا اجتمعا في مجلس واحد ثم إن تصور فلا احتفال به فإن متعلق الإجماع في الصورتين المتقدمتين ما قدمناه وليس يتحقق ذلك في الفعل فإنه لا يمتنع إذا فرض جمعهم أن يفعلوا فعلا ويعترف كل واحد منهم بأنه عاص به.
662- والذي أراه أنه إن تيسر فرض اجتماعهم في الفعل فهو حجة وهو خارج على الأصل الذي هو مستند الإجماع فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جمعهم مجلس وقدم إليهم شيء فتعاطوه وأكلوه فمن حرمه عد خارقا للإجماع وتناهى أهل العصر في تبكيته فإذا يدل فعلهم على ارتفاع الحرج على حسب ما قدمناه في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا إلى الفعل المطلق فإن تقيد بقرينة دالة على وجوب أو استحباب ثبت ما دلت القرينة عليه.
الفن الرابع: في الأمر الذي ينعقد الإجماع فيه وفيما ينعقد الإجماع عنه.
663- فأما ما ينعقد الإجماع فيه حجة ودلالة فالسمعيات [ولا] أثر للوفاق في المعقولات فإن المتبع في العقليات الأدلة القاطعة فإذا انتصبت لم يعارضها شقاق ولم يعضدها وفاق.
664- وأما ما ينعقد الإجماع عنه فالقول ينقسم فيه كما تقدم فإن كان المجمعون قاطعين على الحكم في مجال الظنون فلا يتأتى فرض هذا الإجماع إلا عن قاطع وإن أسندوا إجماعهم إلى ظن لم يمتنع أيضا ثم مستند الإجماع في كونه حجة قطع أهل الإجماع بتقريع من يخالف الإجماع.
فهذا مجامع القول في الإجماع تفصيلا وتأصيلا وقد حاولنا جهدنا في إدراج مسائل الكتاب تحت التقاسيم وقد شذت مسائل قريبة منها ونحن نرسمها الآن مرسلة إن شاء الله تعالى.

الصفحة 277