كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 1)

لا يليق أن يؤخذ به. وقد عَمِل بمثل هذا سالم بن عبد الله حين بلغه حديث عائشة في
الطيب قبيل الإحرام، وقبل الإفاضة، ترك قول أبيه وجده، وقال: سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أحقّ أن تتّبع. وغالب أهل الزمان على خلافاتهم (¬1) إذا جاءهم حديث يُخالف قول
إمامهم يقولون: لعل هذا الحديث قد بلغ الإمام، وخالفه بما هو أقوى عنده منه.
وروى ابن عمر حديث: 11 لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، فقال له بعض أولاده:
نحن نمنع، فسبّه سبا ما سُمع سب مثله قط، وقطع الكلام معه إلى الموت. وله -رضي الله عنه- في
مراعاة دقائق السنن أحوال مدوّنة في كتب الحديث، مشهورة بين أهله. انتهى كلام
السنديّ (¬2)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ولْعم الوكيل.
وبالسند المتصل إلى الإمام ابن ماجه رحمه الله- المذكور أول الكتاب قال:
5 - (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمارٍ الدِّمَشْقِى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سُمَيْعٍ، حَدَّثنا
إِبْرَاهِيمُ ابْنُ سُلَممانَ الْأَفْطَسُ، عَنِ الْوَليدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ
أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وَنَحْنُ نَذْكُرُ الْفَقْرَ، وَنَتَخَوَّفُهُ، فَقَالَ:
"آالْفَقْرَ تخَافُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَده لَتُصَبَّنَّ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا صَبًّا، حَتَّى لَا يُزِيغَ قَلْبَ
أَحَدِكُمْ إِزَاغَةً إِلَّا هِيهْ، وَايْمُ الله لَقَدْ ترَكتكُمْ عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا وَنهَارُهَا سَوَاءٌ".
قَالَ أبو الدَّرْدَاءِ: صَدَقَ وَاللهِّ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، تَرَكنَا وَاللهَّ عَلَى مِثْلِ الْبيضَاءِ لَيْلُهَا
وَنَهَارُهَا سَوَاءٌ).
رجال هذا الإسناد: ستة أيضًا:
1 - (هشام بن عمار) بن نُصير -بنون، مصغّرا- ابن ميسرة بن أبان السلمي،
ويقال: الظفري، أبو الوليد الدمشقيّ، خطيب المسجد الجامع بها، صدوقٌ، مقرىء،
كبر، فصار يتلقن، فحديثه القديم أصحّ، من كبار [10].
¬__________
(¬1) هكذا النسخ، و/ لعله "على خلاف ذلك" فليحرّر.
(¬2) "شرح السنديّ" 1/ 11.

الصفحة 101