كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 1)
3 - (ومنها): أن فيه دلالة على صحّة الإجماع؛ لأن الأمة إذا أجمعت على شيء، فقد دخلت فيهم هذه الطائفة المختصّة بهذا الفخر العظيم، فكلّ الأمّة محقّ، فإجماعهم حقّ، ويفيد هذا المعنى قوله عز وجل: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 181]. قاله القرطبيّ (¬1). وقال النوويّ رحمه الله تعالى: وهو أصح ما استدل به من الحديث لكون الإجماع حجة، وأما حديث: "لا تجتمع أمتي على ضلالة"، فضعيف (¬2). انتهى (¬3).
4 - (ومنها): أن فيه معجزةً ظاهرةً، فإنّ هذا الوصف ما زال -بحمد الله تعالى- من زمن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى الآن، ولا يزال حتى يأتي أمر الله المذكور في الحديث. انتهى (¬4)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في المراد بهذه الطائفة:
قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله في "المفهم" 3/ 763: قد اختلف العلماء في من
¬__________
(¬1) "المفهم" 3/ 764 "كتاب الجهاد".
(¬2) هذا الحديث ضعيف، رواه ابن ماجه في هذا الكتاب برقم (3950) وابن أبي عاصم في "السنّة" رقم (84) وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" 133 واللالكائيّ في "أصول أهل السنة" 1/ 105 /653 عن معان بن رفاعة السلاميّ، عن أبي خلف الأعمى، عن أنس مرفوعًا، وهو إسناد واه بمرة، إذ أبو خلف الأعمى متروك، ورماه ابن معين بالكذب. وقال الدارقطنيّ في "الأفراد": تفرّد بهذا الحديث. ومعان بن رفاعة ليّن الحديث. وأخرجه أبو نُعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 208 وهو ضعيف أيضًا فيه عللٌ، قد أجاد الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى في "السلسلة الضعيفة" 6/ 436 رقم (2896) فراجعه تستفد، وسنعود إليه في محلّه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى حينما يورده المصنّف رحمه الله تعالى برقم (3950) "كتاب الفتن" 2/ 1303.
(¬3) "شرح مسلم" 13/ 67.
(¬4) "شرح مسلم" 13/ 67.