كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 1)

نتقيه، ثم قال: مجيئكم معي من المسجد إلى هاهنا كان ينبغي لنا أن نتقيه، أليس جاء في الحديث أنه فتنة للمتبوع، مَذَلَّةٌ للتابع (¬1). يعني مشي الناس خلف الرجل.
وبالجملة: فالتقوى هي وصية الله لجميع خلقه، ووصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمته. وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا بعث أميرا على سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا. أخرجه مسلم. ولمّا خطب -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع يوم النحر وَصَّى الناسَ بتقوى الله، وبالسمع والطاعة لأئمتهم. أخرجه الترمذيّ، وقال: حسنٌ صحيحٌ. ولمّا وَعَظَ الناسَ قالوا له: كأنها موعظة مُوَدِّع فأوصنا، قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة" (¬2).
وفي حديث أبي ذر الطويل الذي أخرجه ابن حبان وغيره قلت: يا رسول الله أوصني، قال: "أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس الأمر كله" (¬3).
وأخرج الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: "أوصيك بتقوى الله، فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد، فإنه رَهْبانية الإسلام" (¬4). وخرجه غيره، ولفظه: قال: "عليك بتقوى الله، فإنه جماع كل خير".
وفي الترمذي عن يزيد بن سلمة أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله إني سمعت منك حديثًا كثيرًا، فأخاف أن يُنسيني أوله آخره، فحدثني بكلمة تكون جَمّاعًا، قال: "اتق الله فيما تعلم" (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه أبو نُعيم في "الحلية" 8/ 364 في ترجمة معروف الكرخيّ.
(¬2) هو حديث الباب، وهو صحيح.
(¬3) أخرجه ابن حبّان في "صحيحه" 2/ 76 - 79.
(¬4) أخرجه أحمد 3/ 82 بإسناد ضعيف.
(¬5) أخرجه الترمذيّ برقم (2683) وقال: ليس إسناده بمتّصل، وهو عندي مرسل، ولم يُدرك عندي ابن أشوع يزيد بن سلمة.

الصفحة 533